المحتويات
الأخطار العامة ووثائق تأميناتها
يقصد بالتأمينات العامة أو التأمين العام General Insurance تلك التي تخرج عن نطاق تأمينات الحياة، ولذلك يطلق عليها باللغة الإنجليزية أحيانًا Non – Life Insurances، ويترتب على ذلك أن وثائق التأمينات العامة General Insurance Policies تشمل تأمينات الممتلكات والمسئولية المترتبة عليها، وتأمينات النقل والمسئولية المترتبة عليها أيضًا، وتأمينات الحوادث الأخرى التي لا تنطوي تحت أي من القسمين المذكورين ولا قسم تأمينات الحياة وسواء كانت متعلقة بالأشياء أو الأشخاص.
أنواع وثائق التأمينات العامة
يميل معظم الكتاب إلى تقسيم وثائق التأمينات العامة إلى ثلاثة أنواع أو ثلاث مجموعات فرعية هي:
- وثائق تأمينات الممتلكات
- وثائق تأمينات الحوادث والمسئولية
- ووثائق تأمينات الحوادث والمسئولية
وفيما يلي وصفًا موجزًا لكل منها:
وثائق تأمينات الممتلكات
ويقصد بوثائق تأمينات الممتلكات Property Insurance Policies تلك الوثائق التي تغطي الأخطار التي تتعرض لها ممتلكات الأشخاص وهي في وضعها ومكانها الثابتين مثل المنازل والمصانع والمتاجر، وكذلك الأثاث والبضاعة والمواد الخام في أماكنها أيضا. ومن أهم وثائق هذه المجموعة وثائق تأمين الحريق والتأمينات المتحالفة أو المشابهة.
وثائق تأمينات النقل
ووثائق تأمينات النقل أو بالإنجليزية Transportation Insurance Policies، ويقصد بها تلك الوثائق التي تغطى الأخطار التي تتعرض لها الممتلكات وهي في دور النقل، وكذلك الأخطار التي تتعرض لها أدوات النقل وما يتعلق بها من منافع.
وثائق تأمينات الحوادث والمسئولية
وثائق تأمينات الحوادث والمسئولية أو Casualty & Liability Ins. Policies ويُقصد بها تلك التي تغطي الحوادث المختلفة الأخرى التي لا تنطوي تحت أي من الأخطار المذكورة في المجموعتين السابقتين وكذلك في مجموعة تأمينات الحياة، مضافًا إلى ذلك مجموعة الوثائق التي تغطي أخطار المسئولية بأنواعها المختلفة.
الصفات الخاصة بالأخطار العامة
بالرغم من تعدد الأخطار والحوادث والخسائر التي تغطيها مجموعة وثائق التأمينات العامة بأقسامها أو أنواعها المختلفة، إلا أنها تشترك جميعًا في صفات جوهرية تميزها في مجموعها عن وثائق تأمينات الحياة. وفيما يلي أهم هذه الصفات:
- الأخطار التي تغطيها هذه الوثائق وكذلك الخسائر التي تترتب عن تحقق الحوادث المتعلقة بها تتصل مباشرة بممتلكات المستأمن أو مسئوليته عن ممتلكات الغير، أو تتصل بنفقات وتكاليف لا بد وأن ينفقها نتيجة حوادث تقع له أو لغيره أثناء ممارسته لحياته الخاصة والعامة في المدى القصير. ولكن لا تتصل بإيراداته أو دخله التي تتأثر بحياته أو وفاته.
- درجة الخطورة واحتمال حدوث الحادث وحجم الخسارة المتوقعة وتوزيعاتها التكرارية بالنسبة للأشياء موضوع التأمين ثابتة لا تتغير عادة بتغير تاريخ ولا سنة التأمين عليها بعكس ما هو واقع في أخطار الحياة. وعلى ذلك تكون أسعار عقود التأمينات العامة شبه ثابتة من عام إلى آخر بالنسبة لنفس الشيء موضوع التأمين ومع بقاء العوامل الأخرى على ما هي عليه.
- في حالة تحقق الخطر المؤمن منه في وثائق التأمينات العامة تكون الخسارة أما كلية أو جزئية. وفي حالة الخسارة الجزئية تختلف قيمتها من حادث إلى آخر ويندر أن تتساوى الخسارات في الحوادث المتعددة. ويترتب على ذلك ضرورة قيام هيئة التأمين بتحديد قيمة الخسارة بدقة عند وقوعها حتى لا يغالي المستأمن في تقدير قيمة التعويض الذي يطالب به المؤمن.
- يسهل على صاحب الممتلكات أو المنقولات أن يحدد قيمتها بدقة تامة بغرض التأمين عليها. وعلى ذاك فإذا ما أراد التأمين على ممتلكاته أو مسئوليته بقيمة أقل من قيمتها الفعلية فإنه يكون قد وافق على أن يشارك في التأمين عليها بالقيمة الباقية مما يترتب عليه أن يعوضه المؤمن تعويضًا نسبيًا. وقد أدى هذا الاتجاه إلى اهتمام المستأمن بتأمين خطره تأمينًا كافيًا Full Indurance حتى يضمن لنفسه تعويضًا کاملاً Full Recovery في حالة تحقق الحادث المؤمن منه ووقوع خسارة ناتجة عن ذلك.
خصائص وثائق التأمينات العامة والصفات الخاصة بها
تعكس صفات الأخطار العامة السابق الإشارة إلى أهمها على وثائق التأمين التي تغطي تلك الأخطار. ونذكر فيما يلي أهم خصائص التأمينات العامة أو الصفات التي تتميز بها وثائق التأمينات العامة عمومًا:
1. وثائق التأمينات العامة هي وثائق تعويض
معظم وثائق التأمينات العامة من وثائق التعويض Policies of Indemnity وقليل منها من الوثائق المحددة القيمة Valued Policies وهذا راجع إلى اختلاف قيمة الخسارة التي تنتج عن حادث متشابه من حالة لأخرى، ما يترتب عليه تعويض المستأمن في حدود الخسارة التي أصابته فقط حتى لا يثرى على حساب الغير. وبالرغم من ذلك فإنه يمكن استعمال الوثائق المحددة القيمة لتأمين الممتلكات التي لا يمكن التوصل إلى قيمة للتعويض عنها عندما يتحقق الحادث وخاصة في حالة الخسارة الكلية. فالمجوهرات النادرة والفراء من نوع خاص والأدوات الأثرية يمكن تأمينها بوثائق محددة القيمة والتعويض عنها بالقيمة المحددة في الوثيقة إذا ما أصابها خسارة كلية سواء عن طريق السرقة أو الضياع أو الحريق. وبالرغم من هذا الاستثناء لمبدأ التعويض إلا أن جميع وثائق التأمينات العامة لا تبيح للمستأمن بأن يتقاضى مبالغ تعويض مكررة من عدة مؤمنين على عكس الحال في وثائق تأمين الحياة.
2. وثائق التأمينات العامة تصدر عادة لمدة سنة
تصدر وثائق التأمينات العامة عادة لمدة سنة ويطلق عليها الوثيقة السنوية أو Annual Policy. وقد يحدث أن تصدر وثيقة التأمينات العامة لتغطي مدة ثلاث سنوات أو خمس سنوات فيطلق عليها وثيقة مدة Term Policy. وفي الحالة الأخيرة بدفع المستأمن قسط السنوات التالية للسنة الأولى بواقع 75% من قسط السنة الأولى. حيث أن السنوات التالية لا تتحمل عادة نفس مصروفات الإصدار التي تتحملها السنة الأولى للوثيقة. وفي جميع الأحوال لا توجد وثائق تأمينات عامة غير محددة المدد، بعكس ما هو حادث فعلاً في تأمينات الحياة (أو وثائق التأمين على الحياة).
3. أقساط وثائق التأمينات العامة متساوية بطبيعتها
يترتب على ثبات درجة الخطورة واحتمال حدوث الحادث وحجم الخسارة المتوقعة بالنسبة للأخطار العامة أن تكون أقساط التأمين السنوية متساوية بطبيعتها. ويترتب على صدور وثائق التأمينات العامة على أساس سنوي أو لمدة أقصاها خمس سنوات أن الأقساط المحسوبة عنها تكون عادة أقساطًا طبيعية Natural Premiums أي أن كلا منها يغطي خسارة السنة التي يدفع عنها. ونتيجة للطبيعتين المذكورتين فإن أقساط التأمينات العامة السنوية تدخل بكاملها إيرادًا كاملاً عن سنة وثيقة التأمين ولا يستقطع منها أية احتياطيات فنية شبيهة بالاحتياطيات الحسابية التي ذكرت في سياق الكلام عن تأمينات الحياة. وقد ترتب على هذه النتيجة أن خلت التأمينات العامة من عنصر الادخار بالنسبة للمستأمن وبقيت وثائقها لتخدم عملية التأمين أو الضمان فقط.
4. أقساط وثائق التأمينات العامة تُدفع سنويًا
تُدفع أقساط وثائق التأمينات العامة عند التعاقد مرة واحدة بالنسبة للوثائق السنوية، وفي أو كل سنة بالنسبة لوثائق المدة. وكل قسط من الأقساط المسددة يغطي تكلفة الخطر عن السنة. وعلى ذلك لا تظهر أية مشاكل بين المؤمن والمستأمن عندما يتوقف الأخير عن سداد القسط في أول السنة التالية للتعاقد. فالمعروف والمتفق عليه أن أقساط التجديد تدفع في أول كل سنة كشرط من شروط سريان الوثيقة. فإذا ما توقف المستأمن عن دفع التجديد توقفت الوثيقة عن السريان ولا يحق لأي من الطرفين مطالبة الطرف الآخر بأية مستحقات.
أما إذا حدث أن طلب أحد الطرفين إلغاء الوثيقة خلال سنة سريانها نتيجة وجود شرط فيها يبيح له ذلك، فإن المستأمن يطالب المؤمن برد جزء من قسط السنة الذي دفعه له عند بدايتها، ذلك لأن الضمان تم لمدة أقل من المدة المتفق عليها في الوثيقة.
ويتم رد الجزء من القسط بإحدى طريقتين:
- الأولى وهي طريقة القسط ۔ النسبي: وفيها بحسب جزء القسط المردود على أساس نسبة المدة الباقية إلى مدة الوثيقة.
- والثانية وهي طريقة قسط المدة القصيرة التي انقضت وهي مدة تكون عادة أقل من سنة وعلى ذلك فهي تحمل بأسعار أعلى من الأسعار العادية.
وبعد حساب سعر المدة القصيرة وقسطها يُطرح من القسط الذي دفع لشركة التأمين وترد الشركة الباقي للمستأمن.
الهيكل الفني العام لأسعار التأمينات العامة
تحسب أسعار وثائق التأمينات العامة عادة بالنسبة لوحدة خطر قدرها مئة جنيه أو أي وحدة نقود مثلاً. وقد جرت العادة أن تحسب تلك الأسعار على مرحلتين منفصلتين من الناحية الفنية. المرحلة الأولى تختص بحساب السعر الصافي أو الفني Net Rate or Technical، والثانية تختص بحساب السعر التجاري أو الإجمالي Commerrcal or Gross Rate. وبالرغم من اختلاف طرق حساب أسعار التأمين من فرع إلى آخر من فروع التأمينات العامة إلا أن الهيكل الفتي العام واحد تقريًبا، ولذلك سوف نذكر باختصار فيما يلي موجزًا لمرحلتي حساب الأسعار.
طريقة حساب السعر الصافي
يتم حساب السعر الصافي لوثائق التأمينات العامة كما سبق أن بينا في فصل سابق – على أساس الخبرة الماضية للأخطار والحوادث والخسائر موضوع البحث، مع افتراض أن هذه الخبرة سوف تعيد نفسها في المستقبل حيث أنها تخضع لأسس رياضية وإحصائية ثابتة. وللوصول إلى الخبرة الماضية يستوجب الأمر تعاون هيئات التأمين جميعًا داخل البلد أو الدولة الواحدة في جمع شتات هذه الخبرة وتصنيفها وحساب الأسعار من واقعها.
ويبدأ الأمر عادة بأن تقوم هيئة خاصة بجمع الخبرة السابقة عن خسائر فرع التأمين الذي يراد حساب سعره وذلك من واقع سجلات شركات التأمين في البلد الواحد. وعادة ما تكون هذه الهيئة التي تقوم بعمل الأسعار إما اتحاد التأمين وإما هيئة الإشراف والرقابة على شركات التأمين وإما مكاتب الأسعار التي تنشأ خصيصًا لذلك في نظير تقاضى أجر من الشركات الأعضاء في المكتب أو تلك التي تطلب خدماته.
ويتطلب الأمر أن يكون لدى هيئة عمل الأسعار فترة خبرة أو Experience Period كافية تتمكن في نهايتها جمع بيانات وإحصاءات تعطي اتجاهًا عامًا يمكن الاعتماد عليه. بالإضافة إلى ذلك يجب أن تكون البيانات والإحصاءات قد جمعت من مناطق جغرافية واسعة، ومجمعة من معظم شركات التأمين الموجودة داخل البلد، إن لم يكن جميعها. وأخيرًا أن تمثل عددًا كبيرًا من الحالات، إن لم يكن الحالات جميعها.
أهم البيانات المستخدمة في حساب الأسعار
وأهم البيانات التي تجمعها هيئات أو مكاتب عمل الأسعار Bureaus هي مجموع الخسائر التي تحققت خلال فترة الخبرة، وقيمة مبالغ التأمين التي صدرت في الوثائق التي غطت تلك الخسائر. ويكون سعر التأمين الصافي في أسهل أشكاله هو النسبة المئوية لمجموع الخسائر إلى مجموع مبالغ التأمين، والتي يطلق عليها طريقة نسبة الخسارة Loss Ratio Method، أي أن معادلة حساب السعر الصافي تكون كما يلي:
معادلة حساب السعر الصافي:
السعر الصافي = (مجموع الخسائر المحققة خلال مدة الخبرة) ÷ (مجموع مبالغ التأمين خلال نفس المدة)
أما إذا كان فرع التأمين المراد حساب سعره فرعًا جديدًا لم يمارس من قبل داخل تلك البلد، فإنه يحدث دائمًا أن تقتبس الأسعار المعمول بها في بلد أجنبية تكون طبيعة الخطر فيها مماثلاً لطبيعته في تلك البلد، أو تؤخذ أسعار البلد الأجنبية أيا كانت ويقوم الخبراء بإدخال بعض التعديلات بالزيادة أو النقص لكي تناسب حالة الأخطار المحلية. ويطلق على طريقة عمل الأسعار هذه طريقة عمل الأسعار على أساس التحكم أو التقدير Judgement Basis. وهي غالبًا ما تكون المرحلة التاريخية الأولى عند عمل الأسعار الصافية لفرع من فروع التأمين المستحدثة.
ومن الملاحظ أنه عند حساب الأسعار الصافية في وثائق التأمينات العامة لا يؤخذ في الحسبان معدل الفائدة أو سعر الفائدة. بمعنى أن شركة التأمين لا تقيد نفسها باستثمار الأقساط التي يدفعها المستأمنون حتى يوم سداد التعويضات. وهذا راجع إلى طبيعة وثيقة التأمينات العامة إذ أنها لمدة سنة واحدة والقسط الذي يدفع أول السنة عادة ما تضطر شركة التأمين إلى حجز معظم أجزائه في صورة نقدية سائلة لدفع مبالغ التعويض بمجرد استحقاقها. أي أنه عند حساب الأسعار الصافية في حالة التأمينات العامة يعتمد الفنيون على التوقع الرياضي العاجل وذلك بعكس ما سبق الإشارة إليه عند الكلام على أسعار تأمينات الحياة.
طريقة حساب السعر التجاري
تختلف شركات التأمين بعضها عن البعض عند حساب السعر التجاري بالرغم من إتباعا لسعر صافي موحد في معظم الأحيان. ذلك لأنها تضيف إلى السعر الصافي الثابت ما يخص وحدة الخطر أو Risk Exposure – أي المئة جنيه مثلاً – من مصروفات إدارية ومصروفات إنتاج وأرباح الشركة وما إلى ذلك من نفقات تكون في مجموعها أعباء السعر Loading. ذلك لأن لكل شركة خبرتها في هذه النفقات بعكس ما يجب أن يكون في السعر الصافي، إذ أن الخبرة تكون ممثلة لجميع الشركات. ويترتب على هذه الظاهرة أن يختلف السعر الإجمالي أو التجاري من شركة إلى أخرى، إلا إذا تدخلت هيئة الأشراف والرقابة على شركات التأمين وفرضت سعرًا إجباريًا يكون محسوبًا عادة على أساس متوسط الأعباء في الشركات المختلفة. ويطلق على الأسعار الإجبارية عادة أسعار التعريفة Tariff Rates.
ففي حالة شركة تأمين دأبت خبرتها في الماضي على أن مصروفاتها وأرباحها تمثل 30% من إجمالي الأقساط التي تحملها. فإنه بعد معرفتها للسعر الصافي لفرع من فروع التأمين وليكن نصف في المئة مثلاً والذي يمثل 70% فقط من السعر التجاري، يمكن حساب السعر الأخير كالآتي:
السعر التجاري = 0.005 × (100 ÷ 70) = 0.007143 = 0.7143%
فاذا كانت وثيقة التأمين معقودة بمبلغ عشرة آلاف جنيه مثلاً فإنه يمكن حساب القسط التجاري كالآتي:
القسط التجاري = (مبلغ التأمين ÷ 100) × السعر التجاري المئوي
القسط التجاري = 10000 ÷ 100 × 0.7143
أي أن:
القسط التجاري = 71.430 جنيه.
المراجع
- كتاب الخطر والتأمين – الأصول العلمية والعملية. تأليف: الدكتور سلامة عبد الله، كلية التجارة، جامعة القاهرة، 1967، 1974.
- موسوعة التأمين، العلوم المالية والمصرفية، مركز البحوث والدراسات متعدد التخصصات، 2023.