ورقة عمل بعنوان: نحو تطوير نظريات العقد الاجتماعي الحديثة – نظرية الأوزان الانتخابية
المؤتمر
الملتقى الدولي الثاني – الدراسات الاجتماعية (السوسيولوجية) في الجامعات العربية في ظل التغير الاجتماعي في الوطن العربي بين الواقع والمأمول، المحور الرابع: سبل بناء دراسات اجتماعية واقعية في الوطن العربي
تأليف
الباحث د. مصطفى فؤاد عبيد
نظرية الأوزان الانتخابية
أصل المعضلة
لقد بات من المؤكد أننا الآن بحاجة، أكثر من أي وقت مضى، لإيجاد الحلول الإبداعية والابتكارية للمشكلات التي نواجهها في مجتمعاتنا، تلك المشكلات التي تخطت كل ما يمكن أن تتخطاه وصولاً إلى حد التصارع المؤلم بين أطراف متعددة في المجتمع الواحد، والتي يُفترض أن تكون متراصّة بجميع ألوانها في مواجهة ما هو أهم وأحوج للمواجهة من تحديات لصالح مستقبل الأجيال القادمة، تلك الأجيال التي أهملناها على مر السنين وأهملنا كل احتياجاتها المستقبلية في خضم تلك الصراعات، حتى وصلنا لما نحن عليه الآن، بالرغم من امتلاكنا لتلك الألوان المتعددة التي نُحسد عليها ويعتبرها آخرون أجمل وأقوى ما فينا، وهم غارقون بلون واحد بالرغم من تعدد أحزابهم واختلاف أسمائها لدرجة أننا كعرب قد لا نلحظ، أو حتى نهتم بالفرق البسيط بين أي منها.
ولكن الغريب في هذا الأمر أننا نجني الآن نتيجة الإهمال السابق لتلك الأجيال، حتى وصلوا إلى السن القانوني الذي يحق لهم فيه الانتخاب، وهنا تكمن مشكلتنا الحقيقية، حيث أننا جعلنا من الصوت الانتخابي لشاب في الثامنة عشر من عمره، قد يكون طالباً جامعياً أو حتى في المدرسة الثانوية، يعادل نفس وزن الصوت الانتخابي لأي شخص آخر في الستين أو الخمسين من عمره مثلاً، ومن الممكن أن يكون بنفس الوقت جد ذلك الشاب أو أبيه الذي لا يزال يرعاه ويقوّم سلوكه المندفع والمتهور أحياناً، وقد يكون أيضاً أستاذه الجامعي أو مدير مدرسته التي يتلقى فيها أساسيات التربية والتعليم، وتلك معضلتنا الجوهرية ومنشأ كل المشكلات لأننا لم نعط لها الاهتمام الكافي، والضروري، عند استنساخ التجربة الديمقراطية من الغرب الذي تختلف بنيته وهيكلته الاجتماعية المتحررة بشكل كبير عن المجتمع العربي.
الحلول العلمية المقترحة
لذا، ومن هذا المنطلق، وحتى تكتمل التجربة الديمقراطية بنكهتها العربية الإبداعية، فإنه ينبغي لنا إعادة “هندسة وبناء العملية الانتخابية” في جميع المجالات وكافة مناحي الحياة السياسية والنقابية والبلدية والأكاديمية والاجتماعية وحتى استفتاءات الرأي العام، لتتناسب مع مجتمعنا العربي الذي نطمح لأن يكون مجتمعاً ديمقراطياً تنموياً يسعى للازدهار بالمعنى الجوهري لهذه الكلمة وليس بالمعنى المستنسخ الذي يؤدي للتخبط، المعنى الذي يؤدي إلى العدل في قياس أصوات الناخبين بحسب العديد من العوامل والتي نذكر منها هنا الفئة العمرية والحالة الاجتماعية وعدد الأبناء على سبيل المثال لا الحصر، وفق أوزان يتم تحديدها لكل عامل من تلك العوامل، بحيث نصل إلى الهدف المنشود لترميم الفجوة التي نشأت بسبب إهمال هذا الأمر.
ومن منظور علمي رياضي بحت، وباستخدام أدوات رياضية إحصائية فعّالة ساهمت على مر العصور في وضع حلولاً جذرية للعديد من المسائل العلمية المعقدة وأسست لإجراء العديد من البحوث العلمية المتخصصة الهادفة لتحليل الظواهر واستنباط العلاقات والارتباطات بين العوامل المؤثرة فيها، والتي امتدت لتشمل جميع مجالات العلوم الإنسانية والطبيعية، النظرية والتطبيقية، بهذه الأدوات فقط يمكننا إيجاد الحلول الإبداعية لتلك المسألة من خلال عمل الدراسات والأبحاث الهادفة لتحديد تلك العوامل وتقييم “أوزان” كل منها وتجميعها معاً لتنتج “الوزن الانتخابي الشامل” والعادل لكل شخص بحيث يكون منصفاً لكل المجتمع.
عندئذٍ، سيطمئن كل الآباء والأمهات على مستقبل الأجيال القادمة ولو بشكل نسبي قد يؤول في النهاية لاستقرار المجتمع ككل وترابطه وتماسكه من خلال تعاظم دور الشباب الواعي المسئول وكبار السن والمخضرمين “انتخابياً”، تماماً مثلما يحدث للعائلة العربية في المنزل الذي يعمل فيه كل من الأب والأم على أدارته وتربية وتوجيه أبنائهم منذ الصغر ومنحهم المسئولية بشكل تدريجي للأكبر سناً فالأصغر بشكل تسلسلي كلما زادت أعمارهم دون إجحاف أو إسراف، ولنا أن نتصور الفرق الجوهري الذي سوف تُحدثه نظرية الأوزان الانتخابية هذه بخاصة في المجتمعات الفتية إحصائياً وتأثيرها الإيجابي على بنية المجتمع العربي ككل وإعادة ترتيب البيت الداخلي وبناء مجتمع ديمقراطي بما يتماشى مع عاداتنا وتقاليدنا العربية الأصيلة.
دراسة تطبيقية مبسطة لنظرية الأوزان الانتخابية في الانتخابات الجامعية
تعريف نظرية الأوزان الانتخابية
هي نظرية تتلخص في إضافة ما يمكن أن يطلق عليه “الوزن الانتخابي” لكل فرد في أية انتخابات وفقاً لعدد من العوامل المختلفة، كالفئة العمرية والحالة الاجتماعية، وذلك من أجل إعادة هندسة العملية الانتخابية حتى تكون متوافقة بشكل أكبر مع خصائص المجتمع العربي، ولا نستطيع استخدام هذه النظرية أو تطبيقها إلا بعد إجراء العديد من الأبحاث والدراسات التي من شأنها استكشاف أثرها الإيجابي وإمكان تطبيقها بالفعل وكذلك معرفة ما هية العوامل وطريقة تأثيرها على الوزن الانتخابي لكل فرد من أفراد المجتمع. وتأتي هذه الدراسة لتكون كنموذج يمكن الاحتذاء به للقيام بالعديد من الدراسات والأبحاث الأخرى الهادفة لمزيد من المعرفة حول إمكانية تطبيق هذه النظرية.
مقدمة
حتى يتم تطبيق نظرية الأوزان الانتخابية في الجامعات فإنه ينبغي أن يتم تصنيف الطلاب بحسب السنة الدراسية التي ينتمي لها، وهو تصنيف سهل وقابل للتنفيذ بدون أية تعقيدات ويصبح لدينا وزن انتخابي لكل طالب بحسب المدة التي قضاها في الجامعة، تلك المدة التي أكسبته خبرة عملية في الحياة الجامعية وأصبح مع مرور السنوات يعرف أكثر عن احتياجاته ومتطلباته أو حتى المشكلات التي يواجهها في حياته الجامعية بشكل عام، كما أنه، من جهة أخرى قد تكون أكثر أهمية، أصبح يعرف أكثر عن المرشحين لمجلس الطلاب وإمكاناتهم وقدراتهم في تنفيذ برامجهم عملياً وتحقيق ما يصبو إليه الطلاب من خلال ذلك المجلس.
ووفق نظرية الأوزان الانتخابية يمكن تطبيقها عملياً كما يلي:
أولاً: الأوزان الأساسية
1 – طلاب السنة الأولى : الوزن الانتخابي = 1
2 – طلاب السنة الثانية : الوزن الانتخابي = 2
3 – طلاب السنة الثالثة : الوزن الانتخابي = 3
4 – طلاب السنة الرابعة : الوزن الانتخابي = 4
وهكذا في بقية السنوات إن وجدت
ثانياً: الأوزان المضافة في حالة الرسوب لأول مرة
في حال الرسوب لأول مرة وإعادة أي سنة من سنوات الدراسة يتم إضافة نصف نقطة فقط:
1 – الطالب الراسب في السنة الأولى لأول مرة يكون وزنه الانتخابي وقت الانتخابات = 1,5 بدلاً من 1
2 – الطالب الراسب في السنة الثانية لأول مرة يكون وزنه الانتخابي وقت الانتخابات = 2.5 بدلاً من 2
3 – الطالب الراسب في السنة الثالثة لأول مرة يكون وزنه الانتخابي وقت الانتخابات = 3.5 نقطة بدلاً من 3
3 – الطالب الراسب في السنة الرابعة لأول مرة يكون وزنه الانتخابي وقت الانتخابات = 4.5 نقطة بدلاً من 4
وهكذا لبقية السنوات إن وجدت.
ثالثاً: الأوزان المضافة في حال الرسوب المتكرر
في حال الرسوب المتكرر يصبح من الصعب إضافة المزيد من أنصاف النقاط لأن ذلك سيجعل من راسباً ثلاث مرات في السنة الثانية بوزن انتخابي 3.5 نقطة وهو أكبر من الوزن المقرر لطالب السنة الثالثة، لذا فمن المستحسن أن تتم عملية الإضافة كما يلي:
1 – الوزن المضاف في حالة الرسوب أول مرة = ( 0.5 ) نصف نقطة
2 – الوزن المضاف في حالة رسوب ثاني مرة = ( 0.25 ) ربع نقطة
3 – الوزن المضاف في حالة رسوب ثالث مرة = ( 0.125) ثُمن نقطة
وهكذا بنفس التسلسل للمتوالية الهندسية* بإضافة النصف في أول رسوب ثم نصف النصف في ثاني رسوب وهكذا بحيث نضمن وفق هذا التسلسل أنه مهما كان عدد مرات الرسوب فإنه لن يتم تجميع نقاط أكبر من اللازم أو أكبر من الحد الأعلى المستحق للسنة الدراسية التي ينتمي لها الطالب.
- بحسب المعادلة : 1/2 + 1/4 + 1/8 + 1/16 + ….. إلى ما لا نهاية = 1
رابعاً: آلية عمل وإجراءات الانتخابات باستخدام نظرية الأوزان الانتخابية
بعد تحديد الأوزان الانتخابية لجميع الطلاب وفق جداول الأوزان التي تم توضيحها أعلاه، يتم إجراء الانتخابات بنفس الطريقة الاعتيادية مع إضافة الخطوات التالية:
1 – تقسيم أوراق الانتخاب إلى فئات وكل فئة تمثل وزن معين ويستحسن أن يتم تخصيص لون محدد لكل فئة، فمثلاً أوراق انتخاب الطلاب من ذوي الوزن الانتخابي 1 تكون باللون الأبيض، وأوراق الوزن 1.5 تكون باللون الأخضر، وهكذا لجميع الأوزان بما فيها الأوزان التي تشتمل على كسر عشري نصف نقطة فقط، ويمكن استخدام عملية التقريب لتجنب استخدام فئات كثيرة، مثلا يحتفظ الطالب صاحب الوزن الانتخابي 2.75 (راسب مرتين بالسنة الثانية) بنفس الوزن ولكن يمكننا أن نعطيه الفرصة لاستخدام ورقة الانتخاب التي بوزن 3 من باب التقريب في حال لم يكن هناك الكثير من الطلاب في تلك الفئة وذلك للحفاظ على سرية الانتخاب كما هو معروف.
2 – يتم توزيع الأوراق الانتخابية باللون المناسب لكل طالب بحسب فئة الوزن الانتخابي الذي ينتمي له ومن ثم يقوم بتعبئتها ووضعها في الصندوق تماماً كما يجري في الانتخابات الاعتيادية مع الاختلاف البسيط هنا وهو لون الورقة فقط.
3 – بعد إتمام عملية الانتخاب لجميع الطلاب تبدأ عملية الفرز للأصوات بنفس الطريقة الاعتيادية أيضاً وتجميعها، بحيث نحصل في النهاية على جدول إحصائي للأصوات التي حصل عليها كل مرشح، مع توضيح إضافي يبين عدد الأصوات لكل لون من الألوان التي تمثل وزن انتخابي معين.
الجدول التالي يبين أحد النتائج التي يمكن أن تكون مثالاً مبسطاً لعملية فرز أصوات الناخبين في أحد الكليات المتوسطة باستخدام نظرية الأوزان الانتخابية:
بالتدقيق في نتائج الجدول أعلاه، يتضح لنا ما يلي:
1 – في العمود قبل الأخير لدينا مجموع أصوات الناخبين الاعتيادي الذي حصل عليه كل مرشح، ووفق هذا العمود يكون المرشح رقم ب هو الفائز بإجمالي 350 صوت ويليه المرشحين رقم أ و ج بنفس الترتيب بإجمالي 300 صوت، ثم بقية المرشحين لآخر القائمة حسب مجموع الأصوات تنازلياً.
2 – في العمود الأخير لدينا مجاميع الأوزان الإجمالية لكل الفئات التي تنتمي لها أصوات الناخبين التي حصل عليها كل مرشح بحسب نظرية الأوزان الانتخابية، وهو عبارة عن مجاميع حاصل ضرب كل عدد في وزن الفئة التي ينتمي لها، ووفق هذا الجدول يكون المرشح ج هو الفائز بإجمالي مجموع أوزان يعادل 495 وحدة وزن صوت انتخابي، ويليه في الترتيب المرشح ب بإجمالي 470 وحدة وزن صوت انتخابي، ثم المرشح ه 415، ثم بقية المرشحين بشكل تنازلي كما في الجدول.
من الواضح أن استخدام نظرية الأوزان الانتخابية أثرت بشكل كبير على نتيجة الانتخابات في هذا المثال المبسط، وذلك نظراً للتأثير الأكبر الذي نتج عن أوزان أصوات الطلاب الأكبر سناً في الكلية سواء من هم ينتمون لفئة الوزن الانتخابي (1.5) أو (2) وهم الطلاب الراسبون بالسنة الأولى أو في السنة الثانية على الترتيب، وذلك مقابل تأثير أوزان أصوات الطلاب المستجدين أصحاب الوزن الانتخابي (1) الذين ينتمون جميعهم للسنة الأولى.
ملاحظات إضافية
1 – قد تتطلب مسألة تحديد الأوزان لفئات الطلاب المختلفة معلومات أكثر تفصيلاً بحسب الاحتياج وبحسب ما يمكن أن يكون مفيداً للجامعة التي تنوي تطبيق هذه النظرية، فمن الممكن أن لا تكتفي الجامعة بالسنة الدراسية فقط بل قد تلجأ لإضافة عوامل أخرى لتحديد وزن صوته الانتخابي كالمستوى العلمي للطالب والمتمثل بالتقدير العام في السنوات السابقة مثلاً ليكون بمثابة سلم إضافي يُستخدم لتحديد الوزن، أو حجم مشاركاته في الأنشطة والفعاليات الأكاديمية والبحثية وفق نقاط محددة يتم تجميعها سنوياً، بحيث يتم تطبيق معادلة رياضية شاملة لحساب الوزن الانتخابي الشامل لكل طالب باستخدام كل تلك العوامل.
2 – في المثال السابق تم احتساب وزن الصوت الانتخابي بشكل مبسط ليكون هو نفس الرقم المعطى للفئة، وتلك مسألة لا يُشترط أن تكون ثابتة، فمثلا في نفس المثال السابق كان بالإمكان أن نحدد الوزن الانتخابي ليكون وفق الرؤية التالية:
وزن الفئة 1 = 1.1
وزن الفئة 1.5 = 1.15
وزن الفئة 2 = 1.2
وزن الفئة 2.5 = 1.25
وزن الفئة 3 = 1.3
وهكذا، بحيث تتضخم أوزان الأصوات تدريجياً بشكل تصاعدي كلما صعدنا في السنوات الدراسية الأعلى، وبطريقة قد لا تؤثر كثيراً على نتائج الانتخابات بدرجة تثير الجدل، وهذا الأمر يتطلب بعض التدقيق والتخطيط الجيد لاختيار أفضل الطرق لتتناسب مع الهدف من تطبيق النظرية، وهو تطوير العملية الانتخابية والوصول لأفضل النتائج التي تناسب البيئة التي يتم التطبيق فيها.
وفي حال استخدام مزيد من العوامل يمكن بنفس الطريقة تصنيفها وفق سلم مشابه لوزن السنة الدراسية وإضافتها للوزن الانتخابي لنحصل بالنهاية على الوزن الانتخابي الشامل الذي سيستخدم في جدول حساب أوزان الأصوات.
الخلاصة والتوصيات
تُعتبر نظرية الأوزان الانتخابية وسيلة لتطوير العملية الانتخابية لتحقيق أعلى درجات النجاح والتقدم للمؤسسات التعليمية، وهي تهدف بشكل أساسي لتعظيم دور الطلاب القدامى بشكل يساهم في الاستفادة من الخبرة التي تراكمت لديهم، أكاديمياً وتطبيقياً، عوضاً عن مساواتهم بالطلاب الجدد الذين التحقوا حديثاً بالجامعة وعادة ما يكونوا بحاجة لمزيد من الوقت ليكتسبوا تلك الخبرة.
من جهة أخرى، قد يلزم الكثير من البحث والدراسة قبل البدء بتطبيق هذه النظرية، بخاصة عند وضع المعايير اللازمة لاحتساب الوزن الانتخابي، وهناك العديد من العناصر التي يلزم أخذها بالاعتبار بهذا الشأن، ففي كلية عملية تطبيقية تعتمد على البحث العلمي المنظم في الدراسة قد يكون من المهم احتساب نقاط للأبحاث العلمية التي يقوم بها الطالب وإدخالها في معادلة احتساب الوزن الانتخابي، أما في الكليات النظرية قد لا يلزم مثل هذا الأمر بل قد يلزم مثلاً احتساب نقاط على الحضور والغياب للمحاضرات أو التقدير العام لبعض أو كل المقررات الدراسية التي قد تُعبر عن مقياس معين تهتم به الكلية وتعتبره معياراً مهماً لتقييم الطالب فيها.
كذلك ينبغي أن تتماشى أساليب تطبيق هذه النظرية مع تطلعات الجامعة التي تخطط لتطبيقها، ففي الجامعة التي تتطلع للمنافسة العالمية والازدهار بشكل مميز قد تقوم بوضع معايير تقييم أوزان قد تشمل الكثير من العوامل المتعلقة بالنشاط البحثي بشكل عام، والجامعة التي تتطلع لتطوير آلية انتظام الدراسة فيها والابتعادد عن التسيب سوف تلجأ لوضع معايير تقييم أوزان الالتزام بحضور المحاضرات كنوع من التشجيع على الحصول على أوزان أفضل للصوت الانتخابي.
وفي كل الأحوال سوف يؤدي تطبيق هذه النظرية إلى حالة من التنافس نحو تقدير وإعلاء الشأن الذاتي في البيئة الجامعية من خلال محاولة رفع قيمة وزن الصوت الانتخابي وهذا ما سوف يخلق حالة من تكثيف التنافس العلمي والبحثي أو الالتزام بشكل عام في كل سنة بالفعل ولكن بطريقة لها مردود سنوي سريع من جهة واجتماعي مباشر يشعر به الطالب بالفعل في مواعيد الانتخابات، الأمر الذي من شأنه أيضاً معالجة التكاسل الذي يمكن أن يحدث خلال مسيرة الدراسة لعدد كبير من السنوات.
الخاتمة
في الواقع، نحن نستخدم نظرية الأوزان الانتخابية يومياً وفي كل مكان، يكاد لا يخلو مجال من مجالات الحياة إلا ونستخدمها فيه بشكل مباشر أو غير مباشر، في البيت والمدرسة والعمل، في الشركات والبنوك وشركات التأمين والاتصالات، في محلات البيع بالجملة والتجزئة، وحتى في الشارع عند التقاطعات الرئيسية وإشارات المرور، هناك دوماً أفضلية للشارع الأعرض، وتوفير أكثر للمشتري بالجملة، ودقائق مجانية أكثر للمتصلين مدة أطول وأقساط أكبر لتأمين السيارة الأغلى، أو عديدة الحوادث إحصائياً، وعائد أعلى لأصحاب الودائع الأكبر في البنوك، وصلاحيات أكبر لمدير الشركة، وراتب أعلى لمشرف العمّال، وقلم أحمر للمدرس، ورأي قد لا يقبل النقاش للوالدين في المنزل!
فكيف لنا أن نتوقف عند مسألة الانتخابات بلا تطوير منذ العصور الوسطى بحيث نساوي بين كل الأجيال والفئات العمرية ونهمل كافة الاختلافات بين شخصيات الأفراد، ليس من منظور إنساني أو حتى القيم الإنسانية، فتلك مسألة لا تقبل النقاش أننا جميعا سواسية، ولكن من منظور الخبرة والرؤى الأفضل والأشمل للمجتمع ومعرفة احتياجاته ومصلحته العامة في شتى المجالات، ومن منا لم يلجأ لذوي الخبرة لاستشارتهم في كثير من الأمور بكل تواضع.
في النهاية، تعتبر هذه الدراسة مدخلاً مثالياً لتوضيح كيفية تطبيق هذه النظرية في الجامعات تحديداً وطرق استخدامها، كما أنها يمكن أن تعمل عمل الدراسة الأولية اللازمة لمعرفة كيف يمكن تطبيقها في المجتمع بشكل عام، فهي محاولة للتطوير والازدهار والنهوض بالمجتمع العربي بحيث تكون أقرب لواقعنا وعاداتنا وتقاليدنا وتتماشى مع أسلوبنا في الحياة وعدد الأبناء الذي اعتادت الأسرة العربية أن تنجبه، وفي الوقت الذي من المعروف أنه في الغرب لديهم عادة طفل أو طفلين كحد أقصى نجد أنه من الممكن أن يتخطى لدينا هذا الرقم السبعة أطفال، وبالتالي هي محاولة علاج النسبة المئوية لعدد الناضجين وتأثيرهم في المجتمع تماماً مثلما نقارن علاقة الرقمين 2-2 بعلاقة الرقمين 2-7، ففي الحالة الثانية نحن بحاجة لرفع قيمة الرقم 2 الذي يمثل الخبرة ليكون متناسباً مع الرقم 7 الذي يمثل الأجيال الجديدة، لإعادة التوازن للمجتمع باستخدام هذه النظرية.