المحتويات
مسببات الخطر
يرجع وجود الخطر أساسًا – الذي هو ظاهرة الخوف أو الشك أو عدم التأكد من ناتج القرارات التي يتخذها الأشخاص خلال حياتهم – إلى وجود عدة ظواهر طبيعية وأخرى عامة تعمل في الكون وتؤثر على حياة الأشخاص وأعمالهم وممتلكاتهم. فهناك مثلا ظاهرة الوفاة التي يؤدي وجودها إلى عدم تأكد الأشخاص من إتمام ما يتخذه كل منهم من قرارات بالنسبة له ولغيره ولمجتمعه. وهناك أيضًا ظاهرة الحريق التي يؤدي وجودها إلى عدم تأكد الأشخاص من الاحتفاظ بممتلكاتهم في حالة سليمة. كذلك بالنسبة لظواهر عامة أخرى مثل الخسارة أو الضياع أو السرقة أو الغرق أو البراكين أو المرض أو الحرب وكلها تؤثر في نتيجة أي من قرارات الأشخاص مجتمعين أو منفردين.
وعلى ذلك يمكن تعريف مسببات الخطر كالآتي:
تعريف مسببات الخطر
مسببات الخطر هي مجموعة الظواهر الطبيعية والعامة التي تؤثر تأثيرًا مباشرًا أو غير مباشر في نتيجة القرارات التي يتخذها الأشخاص أثناء حياتهم تجعلهم غير ذي علم بهذه النتيجة.
والمقصود بالظواهر الطبيعية والعامة في التعريف السابق ليس فقط ما هو من صنع الطبيعة مثل المطر والوفاة، ولكن كل ما هو حادث ويحدث في حياة الأشخاص الطبيعية كبشر، مثل السرقة والحروب والثورات وما شابهها. ويطلق البعض على مثل هذه الظواهر الطبيعية والعامة لفظ الكوارث معتمدين على أن ناتج تحققها للأفراد والمجتمعات يظهر في صورة خسائر وأضرار فادحة.
وبالرغم من هذا التحديد إلا أن هناك عوامل مساعدة تزيد من وقع الخطر ومن وقع ناتجه من أضرار. تلك العوامل المساعدة تظهر عادة لوجود السلوك البشري مخالطًا للظواهر الطبيعة والظواهر العامة. ويمكن إجمال العوامل المساعدة للخطر في مجموعتين هما عوامل موضوعية توجد عادة في الشيء موضوع الخطر مثل بناء المنزل بالأخشاب بالنسبة لظاهرة الحريق، وقيادة سيارة بها عيب فني بالنسبة لظاهرة حوادث السيارات وما شابه ذلك. والمجموعة الثانية يُطلق عليها مجموعة العوامل الشخصية، سواء كانت إرادية أو غير إرادية، وهي التي تنشأ عن إهمال الشخص أو تداخله في مسار تحقيق الظواهر الطبيعية أو العامة.
وعلى ذلك يمكن تقسيم مسببات الخطر إلى نوعين رئيسين هما:
مسببات خطر طبيعية أو مادية
يُقصد بمسببات الخطر الطبيعية المادية (بالإنجليزية: Physical Hazards) تلك العوامل التي تنتج عن وجود الظواهر الطبيعية المادية والتي تحيط بالأشخاص أو الأشياء موضوع القرارات. فوجود ظاهرة الحريق يعتبر مسبب خطر طبيعي أو مادي بالنسبة للقرارات المتعلقة بوجود الممتلكات التي تتأثر بالحريق. وهكذا بالنسبة للظواهر المادية الطبيعية الأخرى والتي تعتبر عوامل رئيسية في وجود الخطر.
وهناك من المسببات المادية الإضافية أو المساعدة ما ينتج عن وجودها زيادة وجود الخطر أو ارتفاع في درجته. فوجود ظاهرة انتشار الأوبئة والمجاعات والثورات والحروب إلى جانب ظاهرة الوفاة يزيد من درجة الخطورة بالنسبة لحياة الأشخاص. ووجود ظاهرة البراكين والصواعق إلى جانب ظاهرة الحريق يزيد من درجة الخطورة بالنسبة للحريق المعرض له الأصول والممتلكات.
مسببات خطر شخصية
يُقصد بمسميات الخطر الشخصية تلك العوامل التي تنتج عن ظاهرة تدخل العنصر البشري في مجريات الأمور الطبيعية والتأثير فيها سواء كان ذلك بقصد أو بدون قصد. فمن المُلاحظ أن الظواهر الطبيعية والظواهر العامة التي تحيط بالإنسان وممتلكاته تسير وفق نظام شبه ثابت حتى يتدخل الإنسان في مجراها فيحوله – وخاصة بالنسبة لتحققها وما يترتب عليه من أحداث ومؤثرات – ناحية أكثر خطورة عما كان متوقعًا منها. وعادة ما يكون السبب الرئيسي من تدخل الإنسان في تحقق الظواهر الطبيعية هذه هو النفع الذي يعود عليه أو على طرف معين من ذلك، أو عدم الاهتمام بالنتيجة المترتبة على تحقق الخطر لعدم تحمله أعباءها، ولذلك يمكن تقسيم مسببات الخطر الشخصية إلى نوعين مختلفين:
مسببات خطر شخصية غير إرادية
مسببات الخطر الشخصية غير الإرادية عادة ما تكون في صورة عوامل مساعدة تؤدي إلى تكرار تحقق الظواهر الطبيعية مما يزيد من درجة خطورتها ولكن بدون تعمد أو قصد من الشخص الذي يتدخل عفوًا في ذلك. فظاهرة الإهمال لدى بعض الأشخاص الذين يعتادون التدخين في أي مكان تعتبر عاملا مساعدًا لظاهرة الحريق وتزيد من درجة خطورتها. وظاهرة ضعف النظر والرعونة لدى بعض السائقين تساعد ظاهرة حوادث السيارات وتزيد من درجة خطورتها. وكل من هاتين الظاهرتين تساعد ظاهرة الوفاة وتزيد من درجة خطورتها أيضًا.
ومن الملاحظ أن مثل هذا التدخل من بعض الأشخاص في زيادة درجة الخطورة وما يترتب عليه من أحداث وخسائر لا يوضع في مصاف التعمّد، مما يترتب عليه أنه لا يقع مخالفًا للقانون ولا يُعاقب عليه الشخص في قليل أو كثير. وبالرغم من هذا فإن مثل هذا التدخل يسبب تغيرًا كبيرًا في ناتج القرارات مما يستوجب ضرورة دراسة مثل هذه المسببات الشخصية غير الإرادية بعد دراسة المسببات الطبيعية أو المادية مباشرة. وكلا النوعين من المسببات يحدد درجة خطورة القرار الذي يريد أن يتخذه الإنسان.
مسببات خطر شخصية إرادية
مسببات الخطر الشخصية الإرادية عادة ما تكون في صورة تعمّد خلق عوامل مساعدة تؤدي إلى افتعال وزيادة تكرار تحقق الظاهرة الطبيعية أو إلى زيادة حجم الخسارة المترتبة عليها ما يزيد من درجة خطورتها. فظاهرة الانتحار تزبد من درجة خطورة ظاهرة الوفاة، وظاهرة إشعال الحرائق المتعمّدة تزيد من درجة خطورة ظاهرة الحريق، وظاهرة الاختلاس تزبد من درجة خطورة ظاهرة الضياع.
وهذا التدخل من جانب الأشخاص في زيادة درجة الخطورة على الصورة هذه يقع مخالفًا للقانون ويُعاقب مرتكبه بتحمل الخسارة المترتبة على تحقق الظاهرة الطبيعية. ويترتب على ذلك أن الشخص الذي يريد أن يتخذ قرارًا معينًا لا يتحتم عليه دراسة مسببات الخطر الشخصية الإرادية ولا الخسائر المترتبة عليها، حيث أن عبء تحقق الخطر سوف يتحمله الشخص المتسبب فيه وليس الشخص الذي يتخذ القرار. هذا بالرغم من أن هذه المسببات – مثل سابقتها – تزيد هي الأخرى من درجة الخطورة.
وفي جميع الحالات يتحتم على الشخص – حقيقيًا كان أو معنويًا – دراسة وتحليل مسببات الأخطار جميعها كعوامل تزيد من درجة خطورة القرار الذي هو بصدد اتخاذه حتى يتمكن من معرفة النتائج التي يتحتم عليه تحملها وتلك التي يتحتم على الغير تحملها إذا ما تحققت هذه أو تلك أو كليهما معًا.
وخلاصة القول أن مسببات الخطر تنقسم إلى مجموعتين رئيسيتين:
- الأولى: مجموعة عوامل طبيعية مادية ليس للإنسان دخل فيها ولا في تحققها لنظام شبه ثابت يمكن التنبؤ به مقدمًا إلى حد كبير من الدقة والصحة،
- الثانية: مجموعة عوامل مساعدة تزيد من تكرار تحقق الظواهر الطبيعية والعامة السابق الإشارة إليها في المجموعة الأولى من ناحية و تزيد من حجم الخسارة المتوقع حدوثها إذا ما تحققت تلك الظواهر.
أنواع مجموعة العوامل المساعدة
ومجموعة العوامل المساعدة تتفرع بدورها إلى ثلاث مجموعات فرعية هي:
- عوامل موضوعية وهي العيوب الذاتية التي توجد في الشيء موضوع الخطر.
- عوامل شخصية غير إرادية وهي العيوب الذاتية غير المتحدة التي توجد في صاحب الخطر أو مشغله.
- وعوامل شخصية إرادية وهي العيوب الذاتية المتعمدة في صاحب الخطر أو مشغله.
وجميع هذه العوامل لابد وأن تؤدي إلى زيادة درجة الخطورة أو زيادة حجم الخسارة المتوقعة منها أو كليهما معًا.
طبيعة مسببات الخطر
تنقسم مجموعة الظواهر المسببة للأخطار من حيث طبيعتها إلى مجموعتين:
- أحدهما مجموعة الظواهر التي إذا تحققت تؤثر على الإنسان نفسه، مثل ظواهر المرض والشيخوخة والعجز والوفاة. فإذا ما تحققت هذه الظواهر في صورة حادث لأحد الأفراد يترتب على تحققها خسارة مالية في دخله عن طريق إنفاق مصروفات إضافية للعلاج الطبي في حالات المرض، أو نقص الدخل في حالة العجز، أو انقطاع الدخل نهائيًا في حالة الوفاة. ويُطلق على مجموعة الظواهر المسببة لمثل هذه الأخطار لفظ مسببات الأخطار الشخصية (بالإنجليزية: Personal Hazards).
- والمجموعة الثانية هي مجموعة الظواهر التي إذا ما تحققت تؤثر على ممتلكات الإنسان من عقار ومنقول وما يترتب على هذه الملكية من مسئولية قِبل الغير. هذه الظواهر مثل الحريق والبراكين والغرق والتصادم والثورات والسرقة، وهي التي يترتب على تحققها فناء الممتلكات أو نقص قيمتها أو المسئولية عنها. ويُطلق على مجموعة الظواهر هذه مسببات أخطار الممتلكات والمسئولية (بالإنجليزية: Property and Liability Hazards).
تقسيم الظواهر الطبيعية المسببة للخطر
كما يمكن تقسيم الظواهر الطبيعية والعامة المسببة للخطر إلى مجموعتين رئيسيتين كالآتي:
- مجموعة الظواهر الرئيسية أو الأساسية وهي تلك الظواهر المتعلقة بالنظم العامة الموجودة في حياة الإنسان مثل النظام الطبيعي وما به من ظواهر مثل الزلازل والبراكين والأوبئة. والنظام الاقتصادي وما به من ظواهر بطالة وإصابات عمل وإضرابات عمالية، والنظام السياسي والاجتماعي وما به من ظواهر الحروب والثورات.
- مجموعة الظواهر الخاصة وهي تلك الظواهر المتعلقة بشخص دون آخر وذلك لوجود صفات خاصة بهذا الشخص مثل حيازته ممتلكات سواء عقار أو منقول، أو شغله وظيفة معينة، أو مسئولية تجاه الآخرين. ويلاحظ أن مجموعة الظواهر هذه إما أن يكون لها تأثير على الشخص المعرض لها أساسًا، أو يكون تأثيرها على الغير أساسًا كما يلي:
- الظواهر المعرض لها الفرد إما أن تكون ظواهر طبيعية أو عامة تؤثر على شخصه سواء كان ذلك في حياته أو دخله كالوفاة أو المرض، أو سواء كان ذلك في ممتلكاته مثل الحريق أو السرقة أو سوء التعامل التي تصيبها. وأما أن تكون تلك الظواهر معرض لها أعمال الفرد التجارية وناتجها مثل الحريق الذي يصيب المصنع أو المتجر والتوقف عن العمل الناتج عن ذلك وما إليه.
- الظواهر التي تؤثر على الغير أساسًا نتيجة مسئولية الفرد لحيازته آلات وأدوات مثل المصانع والسيارات، أو لقيامه بمهنة معينة مثل إجراء الأطباء عمليات جراحية للمرضى وهكذا.
الحادث
إن وجود مسببات الخطر من ظواهر طبيعية وعامة في حياة الأفراد والمجتمعات وما يترتب عليه من عدم تأكد الأفراد من ناتج قراراتهم – وهو ما عبرنا عنه بالخطر – ليس له أي تأثير مادي في حياة الأفراد، بل أن تأثير ذلك لا يزيد عن كونه خلقًا لحالة نفسية تجاه القرار فقط. ولكن التأثير المادي يظهر واضحًا عند تحقق تلك الظواهر الطبيعية في صورة حوادث ملموسة تقع للأفراد.
فمثلا وجود ظاهرة الوفاة في حياة البشر لا تحقق إلا حالة معنوية بحتة في نفوس البشر هي الخوف من الوفاة. ولكن عندما تتحقق الوفاة لأحد أفراد العائلة – وخاصة إذا كان رب الأسرة – فإن ذلك يحقق خسارة مادية ملموسة، وبذلك تنقلب الوفاة من ظاهرة طبيعية تؤثر في نفوس جميع الأفراد مجتمعين إلى حادث مادي يؤثر على دخل فرد أو أسرة بالذات. كذلك الحال بالنسبة لظاهرة الحريق وحادث الحريق، وظاهرة الغرق وحادث الغرق وما شابه ذلك.
وعلى ذلك فمن الأهمية بمكان أن نفرق بين تأثير الظاهرة الطبيعية قبل تحققها وهو الخطر وبعد حدوثها وهو الحادث.
وعلى ذلك يمكن تعريف الحادث كالآتي:
الحادث هو التحقق المادي لظاهرة من الظواهر الطبيعية أو العامة بالنسبة لشخص – حقيقيًا كان أو معنويًا – أو مجموعة أشخاص، مما ينتج عنه خسارة فعلية في دخول أو ممتلكات الشخص أو المجموعة.
الخسارة
ينتج عن تحقيق الظاهرة الطبيعية في صورة حادث لفرد أو أكثر خسارة فعلية في الممتلكات أو الدخول أو كليهما. فإذا شب حريق في منزل فإن هذا الحادث يترتب عليه نقص في قيمة المنزل أو فناؤه، وهذا النقص أو الفناء يُطلق عليه لفظ الخسارة. فإذا صودف أن كان رب الأسرة بداخله أثناء الحريق وحدث أن توفي أثناء الحريق، فإنه يكون قد تحقق كذلك حادث وفاة مما يترتب عليه زوال دخل رب الأسرة بالنسبة لأسرته، وضياع هذا الدخل يُطلق عليه خسارة حادث وفاة.
وعلى ذلك يمكن تعريف الخسارة كالآتي:
الخسارة (بالإنجليزية: Loss) هي النقص في قيمة الممتلكات أو فناؤها، أو النقص في قيمة دخل الأفراد أو زواله والذي ينتج عن تحقيق حادث معين للأشخاص وممتلكاتهم.
الحوادث الشخصية
تنتج الخسارة المالية للأشخاص نتيجة تحقق حادث أو أكثر من الحوادث الشخصية الآتية، والتي نسوقها على سبيل المثال لا الحصر:
- حوادث الوفاة
- حوادث المرض
- وحوادث العجز
- حوادث الشيخوخة
- حوادث البطالة
- وحوادث الزواج والطلاق وإنجاب الأطفال، .. إلخ.
حوادث الممتلكات والمسئولية
تنتج الخسارة المالية للممتلكات عادة نتيجة لحادث أو أكثر من الحوادث الآتية، والمذكورة على سبيل المثال أيضًا:
- حوادث الحريق Fire
- حوادث الصواعق Lightning
- وحوادث العواصف Windstorm
- حوادث المياه Water
- حوادث البراكين Earthquakes
- وحوادث كسر الزجاج Glass Breakage
- حوادث الانفجار Explosion
- حوادث خيانة الأمانة Dishonesty
- وحوادث الاضطرابات Strikes
- حوادث الشغب والعصيان المدني Roit and Civil Commotion
- حوادث التخريب والإيذاء المتعمد Vandalism and Maliciods Miscbief
- وحوادث السطو والسرقة Burglary Theft and Robbery
- حوادث الغش Fraud
- حوادث التصادم Collision
- وحوادث البرد والصقيع Hall
- حوادث عدم الوفاء بالعقود Failure of Contractors
- حوادث نقل الشحنة برًا وبحرًا وجوًا Tronsportation of Goode on land Sea and Air
- وحوادث عمليات القوى الذرية Atomic – energy Oporation
- حوادث تغير القوة الشرائية للنقود Monetary loflation
- حوادث المسئولية Liability
- نحو العاملين Toward Employees
- نحو الغير Toward Strangers
- ونحو أملاك الغير Toward Properties
ومن الملاحظ أن الحوادث بنوعيهما السابقين – الأشخاص والممتلكات – قد قصرت على الحوادث الاقتصادية الطبيعية، ولم يشر إلى أي من حوادث المضاربة أو الحوادث غير الاقتصادية. ويرجع هذا التحديد إلى أن الحوادث الاقتصادية الطبيعية هي الموضوع المهم في دراستنا في هذا المرجع.
المراجع
- كتاب الخطر والتأمين – الأصول العلمية والعملية. تأليف: الدكتور سلامة عبد الله، كلية التجارة، جامعة القاهرة، 1967، 1974.
- موسوعة التأمين، العلوم المالية والمصرفية، مركز البحوث والدراسات متعدد التخصصات، 2023.