المحتويات
تشكيل مجلس الأمن
تنص المادة 23 من الميثاق في فقرتها الأولى على أن: “يتألف مجلس الأمن من أحـد عشر عضوًا من الأمم المتحدة، وتكون جمهورية الصين وفرنسا واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال إيرلندا والولايات المتحدة الأمريكية أعضاء دائمين فيه، وتنتخب الجمعية العامة ستة أعضـاء آخرين من الأمم المتحدة ليكونوا أعضاء غير دائمين في المجلس. ويُراعى في ذلك بوجه خاص وقبل كل شيء مساهمة أعضاء الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدولي وفي مقاصد الهيئة الأخرى، كما يُراعى أيضًا التوزيع الجغرافي العادل”.
وأساس هذا النص اقتراح كان قد تقدم به سمنر ويلز وكيل وزارة الخارجية الأمريكية ورئيس قسم شئون ما بعد الحرب ونشره في كتابه Time for decision. وقد قدم سمنر ويلز لاقتراحه بتصوير أبان فيه الأوضاع السياسية الواقعية السائدة وقتذاك، وفصّل في ذكر ما يجب عمله للفوز بالسلم بعد الحرب، وناقش المشكلات التي سوف تترتب على أثر انتهاء الحرب بصراحة تامة، وتفحص فيه نظام عصبة الأمم ونظام أحكام جامعة الدول الأمريكية مبينًـا ما ينطوي عليه هـذان النظامان من أحكام صالحة، وأخرى بائدة، وأسباب الفشل ومسوغات النجاح في كليهما، ثم عقّب بشرح اقتراحه شرحًا ضافيًا سبق أن ذكرناه في موضوع الأعمال التحضيرية لميثاق الأمم المتحدة.
ويبدو لمن يتفحص الفصل السادس من مقترحات دمبارتون أوكس أن ممثلي الدول المجتمعة قد أدخلوا على الاقتراح الأصلي الذي كان قد تقدم به سمنر ویلز تعديلين:
- الأول: هو إضافة فرنسا إلى قائمة الدول العظمي ذات المراكز الدائمة على أن تشغل فرنسا هذا المركز في الوقت المناسب، أي عند تحررها من الاحتلال الألماني.
- الثاني: هو العدول عن انتخاب الأعضاء المؤقتين على أساس إقليمي بحت وإطلاق عملية انتخابهم من كل قيد.
وقد تقدمت كثير من الدول التي حضرت مؤتمر سان فرانسيسكو بتعديلات كثيرة على الحكم الوارد بمقترحات دمبارتون اوكس. وكان بعض هذه التعديلات يرمي إلى نفي فكرة المراكز الدائمة، والبعض يقترح الزيادة في عددها أو يقترح إنشاء مراكز شبه دائمة لبعض البلاد على النحو الذي جرى التقليد على اتباعه في عصبة الأمم. غير أن مؤتمر سان فرانسيسكو رفض هذه التعديلات جميعًا ولم يقبل إلا ما اقترحته كندا من محو عبارة “في الوقت المناسب” بعد ذكر فرنسا بين الدول ذات المراكز الدائمة في المجلس.
أما فيما يتعلق بالمراكز غير الدائمة في المجلس فقد تقدمت تعديلات كثيرة ترمي إلى زيادة عددها، وأخـرى ترمي إلى وضع ضوابط موضوعية ثابتة لانتخاب الأعضاء غير الدائمين. وقد رُفضت جميع التعديلات الخاصة بعدد الأعضاء غير الدائمين، ووافق المؤتمر على وضع ضابطين في خصوص انتخاب الأعضاء لشغل المراكز غير الدائمة في المجلس وهما: مراعاة مساهمة أعضاء الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدولي وفي مقاصد الهيئة الأخرى، ومراعاة التوزيع الجغرافي العادل.
ويبدو لمن يتفحص حكم المادة 13 في صورته النهائية أن ميثاق الأمم المتحدة قد احتفظ بالتمييز بين الدول العظمى وغيرها، ذلك التمييز الذي ورد ذكره لأول مرة في المادة الرابعة من عهد عصبة الأمم المتعلقة بتشكيل مجلس العصبة. فقد ساد الشعور في سان فرانسيسكو بأنه يجب أن تقوم رابطة وثقى بين الالتزامات المفروضة على بعض الدول وبين قدرة هذه الدول على الوفاء بهذه الالتزامات. ولما كانت الحرب العالمية الثانية قد دلت على أن الطاقة الصناعية للبلاد ومقدار مواردها من المواد الأولية وعدد سكانها من العوامل التي لها أكبر الشأن في تمكينها من صد الاعتداء، فقد رأى مؤتمر سان فرانسيسكو أن يكون لهـذه العوامل أثر واضح في تحديد العلاقة بين الدول العظمى وغيرها من الدول عند وضع النظام الدولي الجديد، وبذلك جمع المؤتمر بين عامل القوة وعامل المسئولية، فحمل الدول العظمى التي تستطيع وحدها القضاء على العدوان مسئولية السهر على استتباب السلم والأمن الدولي وأمانة إعادته إلى نصابه إذا وقع ما يخل به.
أما الضوابط التي وُضعت في شأن انتخاب الأعضاء غير الدائمين فليست من الضوابط الموضوعية التي يجب تطبيقها بصفة آلية. فالنص على مراعاة مساهمة أعضاء الأمم المتحدة في المحافظة على السلم والأمن الدولي، وفي مقاصد الهيئة الأخرى عند انتخاب أعضاء مجلس الأمن غير الدائمين، لا يؤدى دائمًا إلى أن يكون المنتخبـون دولا وسطى تستطيع الاشتراك في السهر على استتباب السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه على صورة مجـدية فعالة. والنص على وجوب مراعاة التوزيع الجغرافي العادل ليس معناه تمثيل جميع المناطق الجغرافية في العالم دائمًا، وذلك (أولا) لأن أمر الانتخاب متروك للجمعية العامة، وسواء راعت الجمعية هذه الضوابط عند إجراء عملية الانتخاب أو أهملتها فلا سبيل إلى إبطال انتخاب من انتخب أو إعادة عملية الانتخاب متى تمت سليمة من الناحية القانونية. (ثانيًا) لأن الفقرة الثانية من المادة 23 تنص على أن العضو الذي انتهت مدته لا تجوز إعادة انتخابه على الفور مما يفيد معنى ظاهرًا، وهو أن عضوية مجلس الأمن ليست حقًا تدعيه دول بالذات، بل هي أمر طارئ يتداوله جميع أعضاء الأمم المتحدة.
نقد المادة 23 من الميثاق
وفي رأينا أن نص المادة ٢٣ من الميثاق من النصوص غير الموفقة، ذلك لأنه:
السبب الأول
ذكر الدول العظمى التي تشغل المراكز الدائمة في مجلس الأمن بأسمائها، وعلى ذلك فهي غير قابلة للتغيير أو التبديل. ومن المعلوم أن قوة الدول عرضة للزيادة والنقصان مع مرور الزمان ووقوع الحوادث، وخير دليل على ذلك استعراض ملابسات التاريخ وظروفه. نعم أن الدول الخمس التي ورد ذكرها في المادة ٢٣ كانت عند وضـع الميثاق أقوى دول الأمم المتحدة، ولكن ليس معنى ذلك أنها ستظل دائمًا محتفظة بهذا الوصف.. ثم أن أشكال حكوماتها قد تتغير وقد يؤدى هذا التغيير إلى فقدان توازن القوى بين هذه الدول. فكأن الميثاق أراد أن يحول العالم الدائم الحركة إلى عالم ساكن ثابت مستقر، وهذا يتنافى مع طبيعة الأشياء ومنطق الحياة. واصطناع ما يتنافى مع الطبيعة والمنطق مصيره الحتمي إلى زوال. ويكفي للتدليل على ذلك أن نذكر أنه بعد مضي خمس سنوات على دخول الميثاق في دور التنفيذ تفاوتت القوة بين الدول الخمس العظمى تفاوتًا كبيرًا ملحوظًا، وأن شكل حكومة الصين قد تبدل فأصبحت من الدول الشيوعية بعد أن كانت منتسبة إلى معسكر الديمقراطية، مما أدى إلى انقسام الدول العظمى إلى فريقين متعارضين يكاد لا يحتمل أحدهما الآخر (1).
ثم أن نص المادة 23 لم يعنِ بأمر آخـر هام، وهو احتمال أن يصبح عضو آخر من أعضاء الأمم المتحدة من الدول العظمى التي يجب أن يفرد لها مركز دائم في مجلس الأمن. أليس من المحتمل أن تصبح ألمانيا أو غيرها أعضاء من الأمم المتحدة في مقبل الأيام؟ أليس من المحتمل أن تثقل موازين هذه الدول أو غيرها وتتضاعف قوتها ويزداد نفوذها في السياسات الدولية بحيث يتعين إفراد مركز دائم لها في مجلس الأمن لصالح استتباب السلم والأمن الدولي؟ وأليس من الإنصاف أن تمثل أفريقيا بعضو دائم في مجلس الأمن كما هي الحال بالنسبة للقارات الأخرى؟ إن نص المادة الرابعة من عهد عصبة الأمم قد خلا من هذه العيوب فلم يرد فيه أسماء الدول التي تشغل مراكز دائمة في مجلس العصبة، بل أورد ذكرها في عبارة عامة هي “الدول الرئيسية المتحالفة” Les principales puissances alliées et associées فلما امتنعت الولايات المتحدة من الاشتراك في العصبة لم يترتب على ذلك سقوط النص. وكذلك الأمر فيما يتعلق بعدد الدول ذوات المراكز الدائمة في مجلس العصبة، فقد فتحت الفقرة الثانية من المادة الرابعة من عهد العصبة الباب أمام احتمالات المستقبل فقررت أن لمجلس العصبة، بموافقة الجمعية العامة، أن يعين من أعضاء العصبة من يشغل مركزًا دائمًا في المجلس. وبالفعل شغلت ألمانيا مثل هذا المركز بعد دخولها عضوًا في العصبة.
ولو أن هذه العيوب كان يمكن تلافيها بتعديل أحكام الميثاق لهان الأمر، غير أنه قد ورد في المادتين 108 و109 من الميثاق أن التعديلات التي تقترح على أحكام الميثاق لا تسري إلا إذا وافق عليها ثلثا أعضاء الجمعية العامة وصادق عليها ثلثا أعضاء الأمم المتحدة ومن بينهم أعضاء مجلس الأمن الدائمين. فكأن لكل عضو من أعضاء مجلس الأمن الدائمين حق الاعتراض على التعديل، ويكفي امتناعه عن التصديق على أي تعديل ليمتنع سريانه حتى في حالة تصديق جميع أعضاء الأمم المتحدة الآخرين عليه. ومن العسير أن يتصور مصادقة جميع الأعضاء الدائمين على تعديل ذي أثر بالغ في مجموعة الحقوق التي يستمتعون بها ومن بينها شغل المراكز الدائمة في مجلس الأمن وعلى الأخص عندما يزول عن أحدهم وصف الدولة العظمي.
السبب الثاني
لقد حدد نص المادة 23 عدد الأعضاء غير الدائمين في المجلس تحديدًا ثابتًا غير قابل للزيادة، مع أن الفقرة الثانية من المادة الرابعة من عصبة الأمم قد أباحت زيادة عدد الأعضاء غير الدائمين في مجلس العصبة. وكان من المستحسن، بل من الواجب، أن يرد في الميثاق نص يماثل نص المادة الرابعة من عهد العصبة. ذلك لأنه من المحتمل أن يزداد عدد أعضاء الأمم المتحدة، فيجب عندئذٍ أن يتناسب عدد أعضاء مجلس الأمن غير الدائمين مع هذه الزيادة. لقد كان الأعضاء الستة غير الدائمين يمثلون خمسًا وأربعين دولة عضوًا في الأمم المتحـدة عند إنشاء هذه الهيئة، وهم الآن يمثلون 115 دولة.
والنتيجة الحتمية لازدياد أعضاء الأمم المتحدة مع بقاء عدد أعضاء مجلس الأمن غير الدائمين على حاله، ألا تمثل مناطق جغرافية متعددة في مجلس الأمن، وأن يزداد التنافس بين أعضاء الأمم المتحدة للفوز بمراكز مجلس الأمن، مما يؤدي إلى التوتر في علاقة أعضاء الأمم المتحدة بعضها ببعض.
إن نص المادة 23 فيه كثير من الجمود ولا يعني باحتمالات المستقبل. وكان من الواجب على واضعي الميثاق أن يضموا إلى جانبه نصًا مرنًا يحسب حساب الظروف وتغيرها. فالنصوص الجامدة قد تبدو عند وضعها ضرورية ونافعة ومتفقة في أحكامها مع مقتضيات الأوضاع القائمة، ولكن الملابسات والظروف التي دعت إلى وضعها في هذه الصورة الجامدة قد تتحول أو تتغير أو تزول مع الزمن، فتصبح هذه النصوص زائدة، لا تستجيب أحكامها لمستلزمات الأوضاع الجديدة، وبذلك تتحول مع تغير ظروف وضعها من نصوص نافعة إلى نصوص ضارة، ومن عامل استقرار إلى عامل اضطراب، وذلك لزوال التوازن بين المصالح المتعارضة التي نجحت هـذه النصوص عند وضعها في التوفيق بينها.
هذا وأن ما سبق أن لاحظناه من عيوب على نص المادة 23 من الميثاق قد صار الآن أمرًا واضحًا يؤمن به جميع أعضـاء الأمم المتحدة. وقد دعا ذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى أن تصدر قرارات لمعالجة بعض هذه العيوب، وذلك عن طريق إدخال تعديل جزئي على أحكام الميثاق. ففي ۱۷ من ديسمبر 1963 أصدرت الجمعية العامة – بأغلبية 97 صـوتًا ضد ۱۱ صوتًا وامتناع أربعة أعضاء عن التصويت – قرارًا بتعديل نص المادة 23 من الميثاق على النحو التالي:
- يزاد عدد أعضاء مجلس الأمن من 11 عضوًا إلى 15 عضوًا، وذلك لكي يكفل تمثيل المناطق الجغرافية في العالم على أساس أفضل يجعل مجلس الأمن أكثر فعالية من ذي قبل.
- يجرى انتخاب الأعضـاء العشرة غير الدائمين على أساس معيار ثابت، هو المعيار التالي: تنتخب الجمعية العامة خمسة أعضـاء من دول أفريقيا وآسيا، وعضوًا واحدًا من دول أوربا الشرقية، وعضوين من دول أمريكا اللاتينية، وعضوين من دول أوربا الغربية والدول الأخرى.
- تعدل أحكام المادة 27 من الميثاق – وهي الخاصة بنظام التصويت في مجلس الأمن – بحيث تكون الأغلبية المطلوبة هي أغلبية تسعة أصوات بدلا من أغلبية سبعة أصوات.
وقد نص القرار المذكور الذي أصدرته الجمعية العامة في 17 من ديسمبر 1963 على أن تقوم الدول الأعضاء بالتصديق على قرار التعديل – وفقًا لأحكام المادة 108 من الميثاق – في موعد لا يتجاوز أول سبتمبر 1965. وغني عن الذكر أن هـذا التعديل الجزئي لأحكام الميثاق لن يدخل في دور التنفيذ إلا إذا صادق عليه ثلثا أعضاء الأمم المتحدة على أن يكون من بينهم جميع أعضاء مجلس الأمن الدائمين.
التصويت في مجلس الأمن
لعل مشكلة التصويت في مجلس الأمن أدق المشاكل التي واجهتها الأمم المتحدة. فلقد ثار في شأنها الخلاف بين الدول الأربع العظمى عندما اجتمع ممثلوها لوضع مقترحات دمبارتون أوكس، ولم يحل هـذا الخلاف إلا عندما اجتمع روزفلت وتشرشل وستالين في مؤتمر يالتـا في فبراير سنة 1945، واتفقوا على وضع حل لها. ولما عرض هـذا الحل على ممثلي الأمم المتحدة المجتمعين في مؤتمر سان فرانسيسكو لإعداد الميثاق، ثار الخلاف مرة أخرى بين ممثلي الدول المدعوة وممثلي الدول الداعية وبين ممثلي الدول الداعية أنفسهم. وبعد إعداد الميثاق ودخوله في دور التنفيذ الفعلي ثار الخلاف مرة جديدة فيما يتعلق بما اتفق عليه في سان فرانسيسكو خاصًا بالتصويت في مجلس الأمن. وبعد مضي هذه السنوات على نشوء الأمم المتحدة لا تزال مشكلة التصويت في مجلس الأمن من أدق المشاكل التي تواجهها الأمم المتحدة، ومن أخطر العقبات التي تقف في سبيل قيام الهيئة بالتبعات الرئيسية التي ألقيت على عاتقها.
لقد التزم عهد عصبة الأمم فيما يتعلق بمشكلة التصويت في الجمعية العامة، وفي مجلس العصبة على حد سواء، القاعدة التي تتفرع على مبدأ المساواة بين الدول. فنص في المادة الخامسة من العهد على أن قرارات الجمعية وقرارات مجلس العصبة تصدر بإجماع الأعضـاء، وهذا النص هو الذي يتفق مع الأوضاع القائمة في القانون الدولي. فالدول أمام أحكام هذا القانون سواسية، لا يمكن لإحداها أو لمجموعة منها أن تفرض على دولة أخرى التزامًا قانونيًا إلا برضاها، وذلك لأنه ليس لأية دولة سلطان ما على دولة أخرى تتساوى معها من حيث القانون Pare in parem non habert imperitana.
غير أن نظام التصويت في العصبة لم يؤد تطبيقه إلى نتائج حميدة في العمل، ذلك لأن الإجماع في إصدار القرارات والموافقة عليها أن كان يسير التحقيق بين الدول التي تتقارب مصالحها، وتتوافق مطامعها، وتتلازم سياساتها، إلا أنه عسير المنال إذا تباعدت المصالح، وتعارضت المطامع، وتغايرت السياسات. وهذه هي الحال العادية في علاقات الدول بعضها ببعض.
فلما اجتمع ممثلو الدول الأربع العظمي في دمبارتون أوكس وبحثوا أمر التصويت في مجلس الأمن، افترقت آراؤهم في هذا الشأن ولم يصلوا فيه إلى اتفاق. ويبدو أن ممثلي هذه الدول قد أجمعوا على نبـذ قاعدة إجماع الأصوات وقاعدة الأغلبية المطلقة والأغلبية الخاصة، كما يبدو أنهم اتفقوا فيما بينهم على اشتراط الأغلبية الموصوفة، بمعنى اشتراط موافقة الأعضاء الدائمين لصدور القرارات في المسائل الموضوعية. ولكن الخلاف قام في شـأن وجوب امتنـاع من كان طرفًا في النزاع من الدول العظمى عن التصويت في خصوص القرار الذي يتخذه مجلس الأمن في شأن هذا النزاع (2). ولذلك لم يبت مؤتمر “دمبارتون أوكس” في مسألة التصويت، وبقيت المسألة مفتوحة لم يتم وضع قواعدها إلا في مؤتمر يالتا عندما عرض روزفلت اقتراحًا أقره ستالين وتشرشل على الفور وقبلته الصين فيما بعد.
وتقضى قواعد التصويت التي أجمع عليها الأقطاب في يالتا بأن يكتفى بأغلبية سبعة أصوات من أحد عشر بالنسبة لجميع قرارات المجلس. على أنه إذا كانت المسألة تتعلق بالإجراءات فإنه يكفي سبعة أصوات ما من غير تمييز بين الدول ذوات المركز الدائم وغيرها. أما في المسائل الأخرى فيجب أن تصدر القرارات فيها بموافقة سبعة أعضاء من بينهم الأعضاء الدائمين. على أنه إذا كان أحد أعضاء المجلس طرفًا في النزاع فينبغي له الامتناع عن التصويت.
وعندما عرض هذا الحل على مؤتمر سان فرانسيسكو انتقد انتقادًا شديدًا، وتقدمت كثير من الدول بتعـديلات ترمي إما لنفي حق الاعتراض المخول لكل دولة من الدول التي تشغل مركزًا دائمًا في مجلس الأمن، وإما للتخفيف من حدة هذا الحق، وعندما بحثت اللجنة المختصة وهي اللجنة الفنية الأولى التابعة للجنة الثالثة أمر التصويت في مجلس الأمن دعيت الدول العظمى إلى تفسير الحل الذي اتفقت عليه في يالتا وكيفية تطبيقه على بعض الحالات الواقعية. وعندما قامت هـذه بالتفسير المطلوب تعارضت وجهات نظرها في هذا الشأن. لذلك شكلت لجنة فرعية من ممثلي أستراليا والصين وكوستاريكا وكوبا ومصر وفرنسا واليونان وهولندا والاتحاد السوفييتي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية بغية التوصل إلى تفسير واضح للقاعدة التي اتفق عليها في يالتا.
وقد وجه ممثلو أستراليا وكوستاريكا وكوبا ومصر واليونان وهولنـدا إلى ممثلي الدول العظمى مذكرة تضمنت ثلاثة وعشرين سؤالا في شأن التطبيق العملي للحل المتفق عليه في يالتا راجية الإجابة عليها، وقد كانت هذه الأسئلة موزعة كما يلي: سؤالان في شأن تطبيق المادة 38 من الميثاق، وسؤالان في شأن تطبيق المادة 34 منه، وسؤال في شأن تطبيق المادة 33 منه، وثلاثة أسئلة خاصة بتطبيق الفقرة الأولى من المادة 37، وسؤال خاص بتطبيق المادة 36 فقرة أولى، وأربعة أسئلة في خصوص تطبيق المادة 36 في فقرتها الثالثة، وسؤالان فيما يتعلق بتطبيق الفقرة الثانية من المادة 37، وسؤال في شأن تطبيق المادة 39، وسؤالان في شأن تطبيق المادة 40، وسؤال عن تطبيق المادة 27 في فقرتيها الأولى والثانية، وثلاثة أسئلة فيما يتعلق بتفسير المادة 27 في فقرتها الثالثة، وسؤال يتعلق بتفسير المادة 27 في فقرتها الثالثة، وسؤال يتعلق بتفسير المادة 97 من الميثاق (3).
وقد وعدت الدول الخمس العظمى بإعداد تصريح مشترك يتناول الرد على هذه الأسئلة التي وُجهت إليها. وفي أثناء إعداد هـذا التصريح المشترك قام الخلاف بين هذه الدول العظمي في شأن حق أية دولة من الدول ذوات المركز الدائم في مجلس الأمن في منع المجلس من أن ينظر نزاعًا ليست طرفًا فيه ومن ثم منع المجلس بواسطة حق الاعتراض من النقاش فيه. فقد اتخذت الولايات المتحدة موقفًا مؤداه أن لا حق لمثل هذه الدولة في منع المجلس من النظر والنقاش في مثل هذا النزاع، وأيدتها في موقفها كل من المملكة المتحدة والصين وفرنسا، في حين أن الاتحاد السوفييتي كان من رأيه عند إعداد التصريح المشترك أن النظر في أي نزاع في مجلس الأمن والمناقشة فيه هما من المسائل الموضوعية التي يكون لكل دولة من الدول ذوات المركز الدائم في مجلس الأمن حق الاعتراض في شأنها. وانتهى هذا الخلاف الخطير بنزول الاتحاد السوفييتي عند رأى سائر الدول العظمى الأخرى.
وأخيرًا أُعد التصريح المشترك وأُعلن لسائر أعضاء اللجنة الفرعية (4) فإذا هو تصريح ينطوي على الغموض واللبس ولا يتضمن الإجابة السريعة على الأسئلة التي وُجهت إلى الدول العظمى، فاحتدم الخلاف من جديد في مؤتمر سان فرانسيسكو، وتقدم مندوب أستراليا بتعديل يرمي إلى إضافة فقرة جديدة مؤداها اعتبار القرارات التي يصدرها مجلس الأمن والوظائف التي يؤديها في شأن حسم المنازعات الدولية بالوسائل السلمية من المسائل الإجرائية التي لا تخضع لحق الاعتراض. غير أن هذا التعديل لم يفز إلا بعشرة أصوات، واعترض عليه عشرون، وامتنع خمسة عشر عضوًا عن التصـويت. ولما طال الخلاف في المؤتمر ذكر مندوب الولايات المتحدة صراحة أن عدم موافقة المؤتمر على الحل الذي تم الاتفاق عليه في يالتـا ستكون نتيجته الحتمية امتناع دولته عن التصديق على الميثـاق. وأمام هذا التهديد الصريح وافق مؤتمر سان فرانسيسكو على المادة 27 من الميثاق ونصها:
- يكون لكل عضو من أعضاء مجلس الأمن صوت واحد.
- تصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الإجرائية بموافقة سبعة من أعضائه.
- تصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الأخرى كافة بموافقة أصوات سبعة من أعضائه، يكون من بينها أصوات الأعضاء الدائمين متفقة بشرط أنه في القرارات المتخذة تطبيقا لأحكام الفصل السادس والفقرة الثالثة من المادة 52 يمتنع من كان طرفًا في النزاع عن التصويت.
ولتفسير الأحكام الواردة في هذا النص يجب أن تتناول بالبحث ثلاث مسائل، هي: التفريق بين المسائل الإجرائية والمسائل الموضوعية، والتمييز بين النزاع والموقف، وأثر امتناع دولة من الدول ذوات المراكز الدائمة في مجلس الأمن عن التصويت على القرار المطروح على التصويت.
التفريق بين المسائل الإجرائية والمسائل الموضوعية
ويقضى نص المادة 27 بوجوب التفريق بين المسائل الإجرائية والمسائل الموضوعية المعروضة على مجلس الأمن. فالقرارات في المسائل الإجرائية تصدر بموافقة سبعة ما من أعضاء المجلس. أما القرارات في المسائل الموضوعية فتصدر بموافقة سبعة أعضاء من مجلس الأمن يكون من بينها أصوات الأعضاء الدائمين متفقة. فإذا عارض عضو دائم في القرار امتنع على المجلس إصداره. فكل عضـو دائم في مجلس الأمن له الاعتراض على إصدار القرار الموضوعي، ولا يملك هذا الحق عضو غير دائم بمفرده، بل يملكه خمسة من الأعضاء غير الدائمين إذا اجتمع رأيهم على عدم الموافقة. ولم يضع الميثاق ضابطًا للتفريق بين ما هو متعلق بالإجراءات وما هو متعلق بالموضوع. غير أن التصريح المشترك الذي أصدرته الدول العظمي في مؤتمر سان فرانسيسكو ذكر صراحة أن المسائل التي ورد ذكرها في المواد 28 و29 و30 و31 و32 من الميثاق تعد من مسائل الإجراءات، وهي تمثيل أعضاء مجلس الأمن تمثيلا دائمًا في مقر الهيئة، ووجوب عقد اجتماعات دورية للمجلس، وعقد اجتماعات المجلس في غير مقر الهيئة، وإنشاء فروع ثانوية للمجلس، ووضع المجلس للائحة إجراءاته، واشتراك عضو من أعضاء الأمم المتحدة من غير أعضاء مجلس الأمن بدون تصويت في مناقشة أية مسألة تعرض على المجلس إذا رأى المجلس أن مصالح هذا العضو تتأثر بها بوجه خاص، ودعوة أية دولة تكون طرفًا في نزاع معروض على المجلس لبحثه إلى الاشتراك في المناقشات المتعلقة بهذا النزاع دون أن يكون لها حق في التصويت.
وقد ذكر التصريح المشترك أيضًا أنه يُعد من المسائل الإجرائية مسألة تقرير ما إذا كان نزاع أو موقف ما محلا للنقاش في المجلس.
أما غير ذلك من المسائل فقد قرر التصريح المشترك أنها تُعد من المسائل الموضوعية، كما قرر أن مسألة الفصل في هل تُعد مسألة بعينها من المسائل الإجرائية أو من المسائل الموضوعية هي أمر يدخل في دائرة المسائل الموضوعية.
وقد جرى العمل في مجلس الأمن على اعتبار المسـائل التي ورد ذكرها في المواد من 28 إلى 32 من المسائل الإجرائية، ولو أنه ظهر أن ثمة خلافًا يقوم حول مسألة حق المجلس في إنشاء الفروع الثانوية الخاصة بإجراء التحقيق في الشكاوى المعروضة على المجلس. كما اتخذ المجلس قراراته في خصوص دعوة الدول للاشتراك في مناقشة المسائل المعروضة على المجلس بأغلبية سبعة ما من أعضائه على الرغم من اعتراض أحد الأعضاء الدائمين على القرار، وقد حدث ذلك في خصـوص دعوة للاشتراك في مناقشة تقرير لجنة الطاقة الذرية (5). وكذلك الأمر فيما يتعلق بإدراج مسألة من المسائل في جدول أعمال المجلس أو برفعها منه، وقد حدث ذلك بمناسبة إدراج شكوى إيران من بعض تصرفات الاتحـاد السوفييتي (6) في جدول أعمال المجلس وحذف المسألة اليونانية من جدول أعماله (7).
وجرى العمل أيضا داخل المجلس على اعتبار أن من بين المسائل الموضوعية مسألة تعيين لجنة للتحقيق في شأن أية شكوى مقدمة إلى المجلس استنادًا إلى المادة 34 من الميثاق، كما حـدث في شأن تعيين لجنة للتحقيق في حوادث الحدود بين اليونان وجاراتها (8) ولجنة التحقيق في شأن حوادث مضيق كورفو (9). وقد أثارت هذه المسألة خلافًا داخل المجلس عند النظر في شكوى شيلي من الحوادث التي لابست الانقلاب في تشيكوسلوفاكيا. فقد أراد المجلس إنشاء لجنة للتحقيق وبحث إن كان هذا الإنشاء يُعد من المسائل الإجرائية أو الموضوعية فقرر رئيس المجلس أنها من المسائل الموضوعية (10).
ولما كان التفريق بين المسائل الإجرائية والموضوعية من الأمور التي تترتب عليها النتائج الخطيرة، وكان الضابط الوحيد لهذا التفريق هو التصريح المشترك الذي أصدرته الدول العظمي في سان فرانسيسكو، فقد حاولت الأمم المتحدة وضع ضوابط أخرى له، رغبة منها في تضييق دائرة استعمال حق الاعتراض. ولذلك أصدرت الجمعية العامة في القسم الثاني من الدورة الثالثة توصية إلى مجلس الأمن تتضمن قائمة المسائل التي تُعد في رأيها من المسائل الإجرائية. غير أن هذه القائمة التي اشتملت على قرابة مائة من المسائل الإجرائية لم تجد سبيلها إلى التنفيذ داخل المجلس لسبب ظاهر: هو احتفاظ الدول العظمى بالموقف الذي التزمته عندما أعلنت تصريحها المشترك في مؤتمر سان فرانسيسكو، ذلك التصريح الذي تضمن من بين ما تضمن أن أمر الفصل في هل تعد المسألة المعروضة للتصويت من المسائل الإجرائية أو الموضوعية يدخل في نطاق المسائل الموضوعية التي تتطلب للفصل فيها أغلبية سبعة من أعضاء المجلس تكون من بينها أصوات الأعضاء الدائمين متفقة.
التمييز بين النزاع والموقف
لما كانت المادة 34 من الميثاق قد ذكرت أن لمجلس الأمن أن يفحص أي نزاع أو موقف قد يؤدي استمراره إلى احتكاك دولي، وكانت الفقرة الثالثة من المادة 27 قد ذكرت أنه يجب أن يمتنع من كان من بين أعضاء مجلس الأمن طرفًا في النزاع المعروض عن التصويت، فإنه يتعين التمييز في المسائل المعروض أمرها على مجلس الأمن بين ما يصدق منها عليه وصف النزاع وبين ما يصدق منها عليه وصف الموقف، وذلك لتعيين من له التصويت ومن ليس له هذا الحق من أعضاء المجلس. وظاهر أن الحكمة في حرمان من كان طرفًا في النزاع من حق الإدلاء بصوته في القرار الذي سوف يفصل في أمر هذا النزاع، هي أن المسلمات القانونية تقضي بأنه لا يجوز الجمع بين وصفى الخصومة والقضاء فيها.
ولم تتضمن أحكام الميثاق ضابطًا أو معيارًا للتمييز بين النزاع والموقف، ولم يقم مجلس الأمن حتى الآن بوضع هذا الضابط على الرغم من أن النقاش قد ثار في هذا الشأن مرات عديدة. فقد أثيرت المسألة لأول مرة عند فحص الخطاب الذي أرسلته إلى مجلس الأمن كل من لبنان وسوريا في 4 من فبراير سنة 1946 طالبة فيه إجلاء القوات البريطانية والفرنسية عن لبنان وسوريا. فقد ناقش المجلس طبيعة هذا الخطاب وهل يُعد الأمر المعروض على المجلس نزاعًا يتعين فيه على المملكة المتحدة وفرنسا الامتناع عن التصويت أم يُعد موقفًا ومن ثم يحتفظ هذان العضوان الدائمان بحقهما في التصويت على القرار الذي سوف يصدره في شأنه. كما ناقش المجلس مسألة أخرى وهي: هل يُعد إطلاق وصف النزاع أو الموقف على أمر من الأمور قرارًا إجرائيا أم قرارًا موضوعيًا؟ وكان من رأي مندوب هولندا في المجلس أنه يكفي أن تقرر الدولة الشاكية أن شكواها نزاع لكي يتعين على المجلس قبول وجهة نظرها بوصفها واقعة من الوقائع التي لا يمكن تجاهلها. وكان من رأي مندوب المملكة المتحدة أنه إذا ادعت دولة ما ادعاءً معينًا أنكرته الدولة الأخرى، أو نازعت فيه، فإن المجلس يكون أمام نزاع لا أمام موقف. وادعي مندوب الاتحاد السوفييتي أن إطلاق وصف النزاع أو الموقف على أمر من الأمور المعروضة على المجلس يُعد قرارًا صادرًا في مسألة موضوعية.
غير أن المجلس لم يتخذ قرارًا في هذه المسألة أو في تلك. وجرى التقليد في المجلس على أن يمتنع أعضاؤه اختيارًا عن الإدلاء بأصواتهم في شأن الشكاوى المقدمة في حقهم. فامتنعت المملكة المتحدة وفرنسا عن التصويت عند عرض شكوى لبنان وسوريا، وامتنعت المملكة المتحدة عن التصويت في مسألة مضيق كورفو وفي المسألة المصرية.
هذا، وقد اقترح مندوب الولايات المتحدة في الجمعية الصغرى أن يمتنع كل من كان طرفًا في نزاع أو موقف معروض أمره على مجلس الأمن عن التصويت في شأنه تطبيقًا للمبدأ القائل بأنه لا يجوز الجمع بين وصفي الخصم والحكم. غير أن اقتراحه لم يحظَ بالقبول، إذ أنه من المحتمل أن يترتب عليه عجز مجلس الأمن عمليًا عن إصدار القرار في حدود الأغلبية المطلوبة لزيادة عدد أطراف الموقف على أربعة أعضاء. وعلى ذلك بقيت هذه المسألة الخطيرة على حالها يعوزها وضع الضابط الدقيق الذي يميز بمقتضاه بين النزاع والموقف.
أثر الامتناع عن التصويت في مجلس الأمن
نصت الفقرة الثالثة من المادة 27 على أن “تصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الأخرى كافة بموافقة سبعة من أعضائه يكون من بينها أصوات الأعضاء الدائمين متفقة”. ويبدو لأول وهلة عند تفحص هذا النص أنه يشترط موافقة الأعضـاء الدائمين جميعًا على قرار المجلس عند احتساب الأغلبية المطلوبة، بمعنى أنه إذا تخلف أحدهم عن التصويت لصالح القرار اعتبر هذا القرار كأن لم يكن مهما يكن عدد الموافقين عليه، غير أنه جاء بالتصريح المشترك الذي أعلنته الدول العظمى في سان فرانسيسكو ما يخالف وجهة النظر هذه، إذ ميّز التصريح بين الامتناع عن الموافقة على القرار وبين الاعتراض عليه، وقرر أن اعتراض أحد الأعضاء الدائمين هو الذي يسقط القرار الموضوعي، أما الامتناع فلا يُحدث هذا الأثر. وهذا هو التخفيف الوحيد الذي أورده التصريح على حدة الحكم الوارد في المادة 27 من الميثاق.
ويتفرع على البت في هذه المسألة البت في مسألة أخرى لها أهميتها الكبرى، وهي غياب أحد أعضاء المجلس أو امتناعه عن حضور جلسات المجلس، والأثر الذي يترتب على ذلك في قرارات المجلس. فلا شك أن الغياب أو الامتناع عن الحضور لا يمكن حمله على أنه استعمال لحق الاعتراض إن كان الغائب أو الممتنع من الأعضاء الدائمين، لأن حق الاعتراض لا يمكن استعماله بوسيلة سلبية أو غير مباشرة، بل يجب استعماله بطريقة إيجابية مباشرة هي إبداء الصـوت المعارض عند التصويت. فالغيـاب أو الامتناع عن الحضور هو بمثابة امتناع عن التصويت ولو أنه يحمل في طياته، إذا استمر، الرغبة في تعطيل المجلس عن القيام بالتبعات التي ألقيت عليه، كما ينطوي على مخالفة الالتزام الذي أخذه أعضاء مجلس الأمن على أنفسهم من أن يكونوا ممثلين تمثيلا دائمًا في مقر الهيئة وفقًا للفقرة الأولى من المادة 28 من الميثاق (11).
هذا، وأن حق الاعتراض قد استعمل حتى الآن أكثر من تسعين مرة. وقد أدى هذا الاستعمال المتكرر إلى إثبات عجز مجلس الأمن عن البت في مسائل هامة متعددة، كما أثار حفيظة بعض الدول العظمى والغالبية الساحقة للدول الأخرى (الأعضاء في الأمم المتحدة) التي عاودها التشكك في صلاحية نظام التصويت في مجلس الأمن. ولقد تصدت الجمعية العامة لمعالجة هذه الحالة في القسم الثاني من دور انعقادها الأول، وأصدرت توصية مؤداها أن تتشاور الدول العظمى الخمس فيما بينها ومع سائر أعضاء مجلس الأمن للوصول إلى نوع معين من التفاهم في شأن عدم استعمال حق الاعتراض استعمالا يعرقل وصول مجلس الأمن إلى إصدار قراراته بسرعة (12) غير أن هذه التوصية لم تؤد إلى نتيجتها المرجوة. فعاودت الجمعية العامة في دور انعقادها الثاني البحث في الأمر، وتقـدم مندوب الأرجنتين (13) باقتراح يرمي إلى دعوة مؤتمر من الأمم المتحدة غايته التوصل إلى إلغاء حق الاعتراض، وتقدم مندوب أستراليا باقتراح يرمي إلى بحث الأثر الذي أحدثته التوصية السابقة التي أصدرتها الجمعية العامة في شأن استعمال حق الاعتراض (14). وبعد بحث هذين الاقتراحين أصـدرت الجمعية توصية جديدة مؤداها تكليف الجمعية الصغرى ببحث مسألة حق الاعتراض من جميع نواحيها، والتقدم بنتائج بحثها الى الجمعية العامة في دور انعقادها الثالث (15).
وفي القسم الثاني من دور الانعقاد الثالث بحثت الجمعية العامة الاقتراح الذي تقدمت به الجمعية الصغرى، وهو إعداد قائمة تشمل المسائل التي تدخل في نطاق الإجراءات ومن ثم لا تخضع لحق الاعتراض، ثم أصدرت قرارها بالموافقة على هذه القائمة وبتوصية أعضاء مجلس الأمن بمراعاة ما جاء فيها وباعتبار أن الفصـل في هل تكون المسألة إجرائية أو موضوعية هو أمر إجرائي لا يخضع لحق الاعتراض. غير أن هذا القرار لا يزال معلقًا لم يرَ التنفيذ للأسباب التي سبق ذكرها عند الكلام عن المسائل الإجرائية والمسائل الموضوعية (16).
وفي رأينا أنه من اليسير على الباحث أن يتخيل حلا لمسألة حق الاعتراض. غير أن هذا الحل مهما تكن صلاحيته في دائرة النظر أو مطابقته لمنطق الأشياء سيظل عسير التنفيذ من الناحية العملية إن لم يكن مستحيلا. ذلك لأن دخوله في دائرة التنفيذ يتطلب تعديل أحكام الميثاق. وتعديل أحكام الميثاق قد رسم له طريقان في المادتين 108 و109. وتصديق الأعضاء الدائمين جميعًا على التعديل الذي يتم وفقًا لأحد الطريقين أمر لازم لسريان التعديل ودخوله في دور التنفيذ. وما دامت بعض الدول العظمى مصرة على الاحتفاظ بالامتياز الذي يخوله إياها نص الفقرة الثالثة من المادة (27) فلا توجد ثمة فائدة عملية من التفكير في إجراء التعديل، إذ أن حق الاعتراض سوف يقف عقبة في سبيله.
إن نظام الأمم المتحدة كله يقوم على دعامة أساسية يظهر أثرها في كل معالم هذا البناء. وهـذه الدعامة هي ضرورة تعاون الدول العظمى تعاونًا صادقًا وخالصًا ومجديًا في سبيل استتباب السلم والأمن الدولي، فإن اختلت هذه الدعامة الأساسية اختل نظام البناء كله، ونقصت أهليته لأداء الوظيفة التي أقيم لأدائها، وعجز عن تحقيق غايات الأمم المتحدة ومقاصدها ومبادئها. فإذا ما تنابذت الدول العظمي، وتعارضت مذاهبها وسياساتها، تفرقت شيعًا وجانب طريق التعاون والتكافل المثمر.
ومنذ دخول الميثاق في دور التنفيذ العملي وانتهاء الحرب العالمية الثانية، بدأ التعاون بين الدول العظمى يفتر شيئًا فشيئًا، حتى صار اختلاف الرأي بينها اختلافًا أساسيًا، وفقدان الثقة بينها من الأمور التي تثير القلق وتنشر الإحساس بالخوف لدى جميع أعضاء الأمم المتحدة. وكثرة استعمال حق الاعتراض هي مظهر من مظاهر فقدان التعاون بين هذه الدول العظمى. والسبيل الوحيد للعلاج هو إعادة الثقة والتعاون بينها. وحق الاعتراض لا ينطوي على ضرر دائمًا بل قد يكون فيه نفع في بعض الحالات. وليس في طبيعته عيب جوهري، وإنما العيب يترتب على كيفية استعماله وعلى الظروف التي يستعمل فيها، ولا يعيب الحق من حيث هو حق أن يسيء صاحبه استعماله. ولا شك أنه إذا عادت الدول العظمى إلى ذلك التعاون الرائع الذي قام بينها للفوز بالنصر في الحرب العالمية الثانية، فإن بناء الأمم المتحدة سيظل قائمًا سليم الجوهر يثمر للعالم أطيب الثمار. أما إن ظلت عوامل التنابذ والتفرق قائمة فلا فائدة من قيام بناء مختل الأساس، ولا أمل في استتباب السلم والأمن الدولي.
هذا ويلاحظ أن التعديل الجزئي لأحكام الميثاق الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 17 من ديسمبر 1963 قد طالب بأن تعدل أحكام المادة 27 من الميثاق بحيث تكون الأغلبية المطلوبة هي أغلبية تسعة أصوات بدلا من أغلبية سبعة أصوات، وذلك إذا ما تم التصديق على زيادة أعضاء مجلس الأمن من 11 عضوًا إلى 15 عضوًا، وفقًا لما سبق أن ذكرنا في فقرة سابقة.
وظائف مجلس الأمن
لمجلس الأمن ثلاث وظائف رئيسية: الأولى هي معاونة سائر فروع الأمم المتحدة على أداء وظائفها، والثانية هي حسم المنازعات والمواقف الدولية بالوسائل السلمية، والثالثة هي وظيفته عند التهديد بالسلم أو الإخـلال به أو عند وقوع العدوان. والأحكام الخاصة بأولى هذه الوظائف وردت في نصوص متفرقه، أما ما تعلق بالوظيفة الثانية فقد وردت أحكامه في الفصل السادس من الميثاق، كما وردت الأحكام المتعلقة بالوظيفة الثالثة في الفصل السابع منه.
وسنجمل الكلام عن هذه الوظائف فيما يلي:
الوظيفة الأولى: معاونة فروع الهيئة على أداء وظائفها
مجلس الأمن هو الفرع الرئيسي الذي ركزت فيه الأمم المتحدة السلطات الرئيسية لهذه الهيئة، ولذلك خصـه الميثاق ببعض الحقوق فيما يتعلق بسير العمل في الفروع الأخرى، كما خوله اختصاصات ينفرد بها دون هذه الفروع.
فمجلس الأمن ينفرد بإصدار توصيات إلى الجمعية العامة في بعض المسائل التي لا يجوز للجمعية العامة أن تنظر فيها إلا بإجازته، كما لا يجوز لها أن تفصل فيها إلا وفق التوصية التي أصدرها لها مجلس الأمن في هذا الشأن. وقد ورد ذكر هذه المسائل في الميثاق على سبيل الحصر، بمعنى أنه لا يجوز التوسع فيها ولا يجوز القياس عليها، وهي:
أولاً: قبول الأعضاء الجدد في الأمم المتحدة. فقد نصت الفقرة الثانية من المادة الرابعة من الميثاق على أن قبول أية دولة من الدول التي توافرت فيها شروط الفقرة الأولى من هذه المادة يكون بقرار من الجمعية العامة بناء على توصية مجلس الأمن. وقد سبق لنا شرح هذا الأمر بما فيه الكفاية.
ثانيًا: وقف أعضاء الأمم المتحدة ورفع هذا الوقف لا يكون أيضًا إلا بتوصية من مجلس الأمن، وذلك وفقًا للمادة الخامسة من الميثاق. ويفهم من حكم هـذه المادة أن الوقف لا يكون إلا بالنسبة للعضـو الذي اتخذ مجلس الأمن قبله عملا من أعمال المنع أو القسر. فإن لم يتحقق هذا الشرط فلا محل للوقف. والوقف لا يُتخذ إلا بقرار من الجمعية العامة. ولكن الجمعية لا يمكنها إصدار مثل هذا القرار إلا إذا أوصـاها بذلك مجلس الأمن. وتوصية المجلس لا يمكن أن تلزم الجمعية إلا في هـذه الحدود، بمعنى أنه إذا أوصى مجلس الأمن الجمعية العامة بوقف عضو عن مباشرة حقوق العضوية ومزاياها، فإن للجمعية الحق في وقف العضو كما أن لها الحق في رفض وقفه، ولكن ليس لها أن تصدر قرارًا بالوقف إلا بناء على توصية المجلس. وكذلك الأمر فيما يتعلق برد مباشرة حقوق العضوية ومزاياها إلى العضو الموقوف.
ثالثًا: فصل الأعضاء من العضوية يكون أيضًا بقرار من الجمعية بناءً على التوصية السابقة التي يصدرها إليها مجلس الأمن. ولا يكون الفصل إلا بالنسبة للعضو الذي يمعن في انتهاك مبادئ الميثاق. وما قيل في الوقف يسري على الفصل.
رابعًا: تقضى المادة 97 من الميثاق بأن الجمعية العامة تعين الأمين العام لهيئة الأمم بناءً على توصية مجلس الأمن. فمجلس الأمن هو الذي يختار الأمين العام ويوصي الجمعية بتعيينه. واختيار مجلس الأمن للأمين العام يتم بموافقة سبعة من أعضاء المجلس يكون من بينها أصوات الأعضاء الدائمين متفقة. أما إصدار الجمعية لقرار التعيين فيكون بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين المشتركين في التصويت. وتوصية المجلس لا يتحتم على الجمعية قبولها. فإن لم تقر الاختيار، فعليها أن تنتظر قبل التعيين توصية أخرى يصدرها إليها مجلس الأمن (17).
خامسًا: ولمجلس الأمن وظيفة انتخابية وردت في شأنها أحكام المواد 4 و8 و10 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية الملحق بميثاق الأمم المتحدة، وهي انتخاب قضاة محكمة العدل الدولية بالاشتراك مع الجمعية العامة، على أن يقوم كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن مستقلا عن الآخر بانتخاب أعضاء المحكمة. وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 10 من النظام الأساسي للمحكمة على أنه “لا يميز عند التصويت بمجلس الأمن لانتخاب القضاة بين الأعضاء الدائمين والأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن”.
سادسًا: وتقضي المادة 54 من الميثاق بأنه يجب أن يُحاط مجلس الأمن في كل وقت إحاطة تامة بما يجري من الأعمـال، أو يُزمع القيام به منها بمقتضى تنظيمات إقليمية أو بواسطة توكيلات إقليمية لحفظ السلم والأمن الدولي. وقد عمل بهذا النص بالفعل، كما أدرجته بعض المنظمات الإقليمية في أحكامها. فقد نصت معاهدة تبادل المساعدة التي عقدتها الدول الأمريكية في 3 من سبتمبر سنة 1947 في مادتها الخامسة على إحاطة مجلس الأمن علمًا بنشاطها في ميدان استتباب السلم والأمن الدولي. وورد الحكم عينه في المادة الخامسة من معاهدة بروكسل الخماسية التي عُقدت في 18 من مارس سنة 1948.
سابعًا: وأخيرًا فإن مجلس الأمن يحل محل الجمعية العامة في القيام بجميع الوظائف واستعمال كافة السلطات التي ورد ذكرها في المادة 87 من الميثاق فيما يتعلق بالإشراف على إدارة المناطق الاستراتيجية. فقد نصت المادة 83 في فقرتها الأولى على أن يباشر مجلس الأمن جميع وظائف الأمم المتحدة المتعلقة بالمناطق الاستراتيجية، ويدخل في ذلك الموافقة على شروط اتفاقات الوصاية وتغييرها أو تعديلها.
الوظيفة الثانية: حسم المنازعات الدولية بالوسائل السلمية
ليس من وظائف مجلس الأمن أن يعني بأمر كل نزاع يقوم بين دول من أعضاء الأمم المتحدة، أو بين دول من أعضاء هـذه الهيئة ودول خارجة عنها. بل أن وظيفة المجلس في حسم المنازعات الدولية بالوسائل السلمية لا تتناول إلا المنازعات أو المواقف الدولية التي يكون من شأنها، لو استمرت، أن تُعرض حفظ السلم والأمن الدولي للخطر. واختصاص مجلس الأمن لا يتناول نزاعًا أو موقفًا ليس له هذا الوصف إلا إذا اتفق جميع المتنازعين على رفعه إليه تطبيقًا للحكم الوارد في المادة 38 من الميثاق. وفي هذه الحالة يكون مجلس الأمن بمثابة هيئة تحكيم دولي.
وليس معنى ما سبق أن هيئة الأمم المتحدة لا تعني بحسم المنازعات الدولية الهيّنة الخطر وذلك لأنه يجوز لأطراف مثل هذه المنازعات أن يعرضوها على الجمعية العامة لاستصدار توصية في شأنها، ولكن المعنى المستفاد من أحكام الفصل السادس هو ترك الفرصة لأطراف مثـل هذه المنازعات لحسمها بوسائلهم الخاصة تطبيقًا للالتزام الذي أخذوه على أنفسهم بمقتضى الفقرة الثالثة من المادة الثانية من الميثاق.
ولم يرد في أحكام الميثاق من الضوابط ما يمكن بواسطته معرفة متى يُعد من شأن النزاع لو استمر تعريض حفظ السلم والأمن الدولي للخطر. وعلى ذلك فإن المسألة تخضع لعوامل التقدير. وقد جرى العمل في مجلس الأمن على الاكتفاء فيها بادعاء أحد أطراف النزاع أن من شأن استمراره تعريض حفظ السلم والأمن الدولي للخطر. وقد ادعى أحد أعضاء مجلس الأمن عند نظر المسألة المصرية أن النزاع المعروض على المجلس لا يصدق عليه هذا الوصف ومن ثم فإن المجلس غير مختص بنظره، وادعت مصر بوصفها طرفًا في النزاع عكس ذلك، فاكتفى المجلس بادعائها واستمر في نظر النزاع (18).
ولا يُشترط في النزاع لكي يصدق عليه هذا الوصف أن يكون بين دولتين متكافئتين في القوة، بل أن هذا الوصف قد يصدق على النزاع الذي يقوم بين طرفين غير متكافئين على الرغم من أن الذهن قد ينصرف إلى أنه من العسير أن يكون تهديد السلم حقيقيًا في مثل هذه الحالة لأن القوي يستطيع أن يملي إرادته على الضعيف ولا يستطيع الضعيف أن يحارب القـوي. وقد حدث في خصوص النزاع بين إيران والاتحاد السوفييتي أن ادعت الدولة الأخيرة أنها سوف تحسم النزاع بواسطة المفاوضات المباشرة مع إيران، وأنها لذلك تطلب شطب شكوى إيران من جدول أعمال المجلس إذ لا يمكن أن يصدق على النزاع الوصف الذي يجعل المجلس مختصًا بنظره غير أن ادعاء الاتحاد السوفييتي لم يلقَ من المجلس قبولا لمخالفته لمبادئ العدل والقانون الدولي (19).
وقد فرض الميثاق على أعضاء الأمم المتحدة التزامًا قانونيًا محددًا، وهو أن يفضوا منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم والأمن الدولي عرضة للخطر (20). كما تعهد أعضاء الهيئة بأن يمتنعوا في علاقاتهم الدولية عن أن يهددوا بالقوة أو أن يستخدموها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة (21). وتفريعًا على هذا الالتزام نصت المادة 33 من الميثاق على ما يلي: “يجب على أطراف أي نزاع من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلم والأمن الدولي للخطر أن يلتمسوا حله بادئ ذي بدء بطريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية أو أن يلجأوا إلى التوكيلات والتنظيمات الإقليمية أو غيرها من الوسائل السلمية التي يقع عليها اختيارها. ويدعو مجلس الأمن أطراف النزاع إلى أن يسووا ما بينهم من نزاع بتلك الطرق إذا رأى ضرورة لذلك”.
والمفاوضة هي تبادل وجهات النظر بين الدولتين أو الدول الأطراف في النزاع بالطرق الدبلوماسية بقصد الوصول إلى حسم النزاع القائم. وهي أولى الوسائل التي تلجأ إليها الدول عادة لإزالة الخلاف وذلك لما تتميز به من بساطة ويسر، فليس للمفاوضة شكل معين محدد يجب اتباعه على جهة الإلزام. بل أن التفاوض قد يكون شفهيًا، وقد يكون بتبـادل المذكرات الشفهية أو بتبادل المذكرات المكتوبة، وقد يقوم بالتفاوض رؤساء الدول مباشرة أو وزراء خارجيتها أو ممثلوها الدبلوماسيون أو معتمدون يعينون لهذا الغرض خاصة، وكثيرًا ما تؤدي هذه الوسيلة إلى حل وسط يرتضيه أطراف النزاع نتيجة للمساومات الدبلوماسية.
أما التحقيـق فليس في حد ذاته من وسائل تسوية المنازعات الدولية، بل هو سعي في سبيل الوصول إلى أساس للتسوية. فكثيرًا ما يحدث أن تتباين وجهات النظر بين الدولتين المتنازعتين في شأن تكييف الوقائع موضـوع الخلاف، كما إذا اتهمت اليونان مثلا جنود يوغوسلافيا وبلغاريا وألبانيا باختراق حدودها والتوغل في أرضها لتموين ثوار اليونان وشد أزرهم، وأنكرت هذه الدول الوقائع التي نُسبت إليها، فيُحال الأمر على لجنة تحقيق مهمتها فحص الوقائع موضوع النزاع توطئة لتقديم تقرير يتضمن نتيجة تحقيقها، وعلى أساس هذه النتائج يمكن تسوية النزاع القائم.
والوساطة هي قيام دولة أو أكثر من غير أطراف النزاع بالتقريب بين وجهـات نظر ذوي النزاع يحثهما على حسم النزاع بالتفاوض أو باستئناف المفاوضات المنقطعة، أو بالاشتراك في المفاوضات الدائرة، أو بوضع أساس جديد لها، وذلك كله بقصد التوصل إلى تحقيق التفاهم وإزالة الخلاف القائم.
أما التوفيق فهو وسيلة ترمى إلى إحالة النزاع القائم بين دولتين أو أكثر على لجنة خاصة مهمتها تحقيق الوقائع موضوع النزاع تحقيقًا منزهًا عن الغرض، والتقـدم بمقترحات لحسم الخلاف القائم بين المتنازعين. والتوفيق يختلف عن التحقيق في أن الوسيلة الأخيرة تقتصر على تحقيق الوقائع دون أن تقترح للخلاف حلا، في حين أنه في التوفيق يجب على اللجنة أن تقترح مثل هذا الحل.
والتحكيم هو الفصل في نزاع قائم بين دولتين أو أكثر بقرار يصدره أشخاص أو هيئة معينة سبق لأطراف النزاع الاتفاق على تعيينهم أو تعيينها لأداء هذه المهمة والتعهد بالتزام القرار الذي سوف يصدر في شأن حسم هذا النزاع.
أما التسوية القضائية فهي الفصل في الخصومة القائمة بواسطة القضاء الدولي.
فالأصل إذن أنه إذا قام نزاع موصوف بين دولتين أو أكثر أن تلتمس الدول المتنازعة حله بادئ ذي بدء بإحدى الوسائل التي تقدم ذكرها، فإذا أخفقت في سعيها وجب عليهـا أن تعرضه على مجلس الأمن للنظر والبت فيه، وذلك وفقًا لنص المادة 37 من الميثاق. وليس هناك التزام ما على الدول المتنازعة بالتماس حل النزاع الموصوف بكل الوسائل التي ورد ذكرها في المادة 33، بمعنى أنه إذا أخفقت وسيلة وجب استعمال الأخرى وهكذا إلى أن تُستنفد جميع هذه الوسائل، بل أنه يكفي لكي يثبت الاختصاص لمجلس الأمن أن تلتمس الدول المتنازعة النزاع بإحدى هذه الوسائل دون جدوى. وقد جرى العمل في مجلس الأمن وفقًا لهذا الرأي. فالنزاع الإيراني السوفييتي والنزاع المصري البريطاني عُرضا على مجلس الأمن بعد إخفاق وسيلة المفاوضة في حسمها. وليس ما يمنع طبعًا اتفاق المتنازعين على أن يحاولا حسم النزاع بوسيلة أخرى بعد إخفاق الوسيلة الأولى قبل عرض النزاع على مجلس الأمن.
ويُضاف إلى ذلك أن لمجلس الأمن الحق في أن يفحص أي نزاع أو أي موقف قد يؤدي إلى احتكاك دولي أو قد يثير نزاعًا وذلك كي يقرر ما إذا كان استمرار قيام هذا النزاع أو الموقف من شأنه أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدولي، وذلك وفقًا للمادة 34 من الميثاق. ولكل دولة من أعضاء الأمم المتحدة أن تنبّه مجلس الأمن إلى أي نزاع أو موقف من النوع المُشار إليه، كما أن هـذا الحق ثابت لكل دولة ليست عضوًا في الأمم المتحدة متى كانت طرفًا في النزاع أو الموقف وقبلت مقدمًا التزامات الحل السلمي التي نص عليها الميثـاق، وذلك كله وفقًا للفقرتين الأولى والثانية من المادة 35.
وتقضي المادة 36 بأن لمجلس الأمن الحق في أية مرحلة من مراحـل نزاع موصوف أو موقف شبيه به أن يوصي بما يراه ملائما من الإجراءات وطرق التسوية. وعلى ذلك فإن من حق المجلس أن يتدخل بين المتنازعين في الوقت الذي يراه مناسبًا ليقدم إليهم توصياته في شأن حسم هذا النزاع بالوسائل السلمية. وعلى المجلس في هـذه الحالة أن يراعي ما اتخذه المتنازعون من إجراءات سابقة لحل النزاع القائم بينهم، وعلى المجلس أيضًا، وهو يقدم توصياته في هذه الحالة، أن يراعي أن المنازعات القانونية يجب على أطراف النزاع بصفة عامة أن يعرضوها على محكمة العدل الدولية وفقًا لأحكام النظام الأساسي لهذه المحكمة. ولما كان نظام محكمة العدل الدولية يقضي بأن للمحكمة اختصاصًا الزاميًا بالنسبة للدول التي تقبل ذلك وحدها فإن التوصية التي يصدرها مجلس الأمن إلى أطراف النزاع بإحالته على المحكمة لا تكون ملزمة لهم متى كان أطراف النزاع – كلهم أو بعضهم – من الدول التي لم تقبل الاختصاص الإلزامي لمحكمة العدل الدولية وإلا لكان معنى ذلك فرض نظام الاختصاص الإلزامي بطريق غير مباشر على أعضاء الأمم المتحدة.
وأخيرًا إذا أخفقت الدول المتنازعة في حسم النزاع الموصوف القائم بينها بالوسائل السلمية، فإنه يجب عليها – وفقًا للفقر الأولى من المادة 37 – أن تعرضه على مجلس الأمن. فإن رأى المجلس الأمن أن استمرار قيام هذا النزاع من شأنه في الواقع أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدولي قرر ما إذا كان يقوم بعمل فيه، أو أوصى بما يراه ملائمًا من شروط لحسمه.
الوظيفة الثالثة: حالات تهديد السلم أو الإخلال به أو وقوع العدوان
تنص المادة 39 من الميثاق على ما يلي: “يقرر مجلس الأمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخـلال به أو كان ما وقع عملا من أعمال العدوان. ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير وفقًا لأحكام المادتين 41 و42 لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه”.
وهذا النص – كما هو ظاهر – يخوّل مجلس الأمن سلطة تقديرية واسعة. فالمجلس وحده هو صاحب الاختصاص المطلق في تكييف الأمر الذي وقع بأنه تهديد للسلم أو إخلال به أو عمل من أعمال العـدوان. ولم يضـع الميثاق لمجلس الأمن تعريفًا للأمور التي تُعد تهديدًا للسلم أو إخلالا به أو تعريفًا للاعتداء حتى يسترشد بهما مجلس الأمن في تكييفه للوقائع. ولعل السبب في أن الميثاق قد خلا من الضوابط التي تحدد بمقتضاها مثل هذه الأمور الخطيرة هو السبب عينه الذي حدا بواضعي ميثاق بريان كيلوج إلى الامتناع عن وضع مثل هذه الضوابط. فقـد رئي عند ذاك أن كل تعريف لأعمال العدوان ينطوي على خطر لأنه قد تعوزه الدقة وقد يقصر عن تناول جميع أعمال الاعتداء مما قد يفيد المعتدي (22). وقد ناقش واضعو الميثاق هذه المسألة نقاشًا طويلا في اللجنة الفنية الثالثة التابعة للجنة الثالثة فرأت اللجنة – ووافق على رأيها مؤتمر سان فرانسيسكو – أن تُترك لمجلس الأمن سلطة تقديرية مطلقة تؤهله للنظر في كل حالة على حدة لتقرير ما إذا كانت تهديدًا للسلم أو إخلالا به أو عملا من أعمـال العدوان (23).
وقد أثير نص المادة 39 أمام مجلس الأمن مرات كثيرة: فقد أثير في خصوص المسألة الإسبانية، والمسألة اليونانية، ومسألتي إندونيسيا وفلسطين، وأزمة كوريا. فعندما نظر المجلس في المسألة الإسبانية في إبريل سنة 1946 اقترحت بولونيا أن يقرر مجلس الأمن وجوب أن يقطع أعضاء الأمم المتحدة جميعًا علاقاتهم الدبلوماسية مع إسبانيا استنادًا إلى أن قيام نظام فرانكو يعتبر تهديدًا للسلم أو إخلالا به أو عملا من أعمال العدوان (24). فأُحيل الأمر للبحث على لجنة فرعية من أعضاء مجلس الأمن، حيث تفرق الرأي بين أعضائها في هذا الشأن. ولما أُحيل تقرير اللجنة الفرعية على المجلس رأت أغلبية الأعضاء أن قيام نظام فرانكو في إسبانيا لا يمكن أن يُعد تهديدًا موجودًا وقائمًا للسلم (25)، وإن كان يُعتبر في حد ذاته تهديدًا محتملا له.
وعند نظر مجلس الأمن في التقرير الذي رفعته لجنـة التحقيق التي أنشأها المجلس للنظر في حوادث الحـدود اليونانية، اتهم مندوب اليونان ألبانيا وبلغاريا ويوغوسلافيا بأن معاونتها للثوار اليونانيين تُعد تهديدًا للسلم وإخلالا به وعملا من أعمال العـدوان. وقدم مندوب أستراليا في أغسطس سنة 1946 اقتراحًا للمجلس يرمي إلى اعتبار الحالة على الحدود الشمالية لليونان حالة تهديد للسلم وفقًا للمادة 39 من الميثاق. وقدم مندوب الولايات المتحدة اقتراحًا نصه: “إن معاونة كل من ألبانيا وبلغاريا ويوغوسلافيا للثوار اليونانيين تعد تهديدًا للسلم وفقًا للمعنى الذي ينطوي عليه نص المادة 39”. وكانت نتيجة التصويت على هذين الاقتراحين تسعة أصوات لصالحهما ضد صوتين. غير أن هذا التصويت لم يؤد إلى نتيجة نظرًا لاعتراض الاتحاد السوفييتي على الاقتراحين (26).
وأُثيرت المسألة مرة ثالثة عنـدما نظر مجلس الأمن في حوادث إندونيسيا. فقد وصف مندوب أستراليا هذه الحوادث في الخطاب الذي أرسله للمجلس في 30 من يوليو سنة 1947 بأنها إخلال بالسلم بالمعنى الوارد في المادة 39. غير أن مندوب هولندا دفع بعـدم اختصاص المجلس على أساس الفقرة السابعة من المادة الثانية. وبعد مناقشات طويلة قرر المجلس دعوة الطرفين المتحاربين إلى وقف إطلاق النار فورًا وإلى حسم الموقف بالوسائل السلمية، ولم يفصل في هل تعد حوادث إندونيسيا إخلالا بالسلم، ولم يفصل في ادعاء هولندا بأن هذه الحوادث تعد من الشئون التي تدخل في صميم السلطان الداخلي للدولة. غير أنه لا يمكن تفسير قرار المجلس إلا على أساس الحكم الوارد في المادة 39 بمعنى أن المجلس اعتبر هذه الحوادث مخلة بالسلم، وإلا لما تسنى له اتخاذ مثل هذا القرار (27).
وعنـدما نظر المجلس في حوادث فلسطين لم يرَ في القرارات التي أصدرها في أول إبريل سنة 1948، وفي 17 من إبريل وفي 23 من إبريل من السنة عينها، أن هذه الحوادث تعد تهديدًا للسلم أو إخلالا به أو عملا عدوانيًا. وفي 20 من مايو سنة 1948 أصدر المجلس قرارًا بوقف إطلاق النار. وفي 29 من مايو أصدر المجلس قرارًا بوجوب إعلان الهدنة لمدة أربعة أسابيع من غير أن يصف هذه الحوادث رسميًا بالوصف الذي ورد في نص المادة 39. ثم أصدر المجلس في 15 من يوليو قرارًا وصف فيه حوادث فلسطين بأنها تهديد للسلم وأوجب على العرب واليهود الامتناع عن القيام بالأعمال الحربية، وقرر أن مخالفة أحـد الطرفين لذلك تعد إخلالا بالسلم يستوجب تطبيق أحكام الفصل السابع من الميثاق. وقد التـزم الطرفان أحكام هذا القرار (28).
وأخيرًا فإن مجلس الأمن بدأ النظر في أزمة كوريا في 25 من يونيو سنة 1950، وأصدر في اليوم عينه قرارًا اعتبر فيه أن ما حدث في كوريا يُعد إخلالا بالسلم وعملا من أعمال العدوان، وأصدر المجلس أمره إلى سلطات كوريا الشمالية بوقف إطلاق النار وسحب قواتها الحربية إلى شمال خط العرض 38. ولما لم تمتثل هذه السلطات للأمر المذكور، أصدر المجلس في 27 من يونيو قرارًا أوصى فيه أعضـاء الأمم المتحدة بأن يقدموا لجمهورية كوريا الجنوبية المساعدة التي قد تتطلبها ضرورة صد العدوان المسلح وإعادة السلم والأمن الدولي إلى نصابه في هذه المنطقة. وقد وافق على إصدار هذا القرار ثمانية من أعضاء المجلس وعارضه عضو واحد (يوغوسلافيا) وامتنع عضو آخر عن التصويت (مصر). أما مندوب الاتحاد السوفييتي فلم يحضر الجلسـة نتيجة لامتناعه عن الاشتراك في مداولات مجلس الأمن منذ أزمة تمثيل الصين في المجلس المذكور. ولقد استجاب أكثر من خمسين عضوًا من أعضاء الأمم المتحدة للتوصية التي أصدرها مجلس الأمن، ولكن عدد الأعضاء الذين بذلوا المساعدة العسكرية لكوريا الجنوبية قليل جدًا، وكانت مساعدتهم في الغالب رمزية (29).
كل ذلك يدعونا إلى أن نقرر أن مجلس الأمن لم يضع ضابطًا عمليًا يجرى التقليد على اتباعه في شأن تكييف ما يُعرض عليه من الوقائع. ولعل السبب في ذلك أن كل ضابط ينطوي على قيد. ومجلس الأمن ينفر من وضع القيود على ما له من سلطات تقديرية، فليس من شأن صاحب السلطة أن يحد من سلطته اختيارًا. ويضاف إلى ذلك أن وجود حق الاعتراض يتنافى مع وجود مثل هذا الضابط، بل أن وجـود أحدهما يجنب وجود الآخر إذا صح لنا استعمال هذا التعبير.
فإذا انتهى المجلس إلى تكييف الوقائع المعروضة عليه، واعتبرها مما يهدد السلم أو يخل به، فعليه أن يعالجها بما يتفق مع خطورتها بقصد إزالة ما يهدد السلم أو إعادة السلم إلى نصابه. وله أن يتخذ في هذا الصدد ما يقع عليه اختياره من التدابير المؤقتة أو التدابير غير العسكرية أو الأعمال العسكرية.
فأما التدابير المؤقتة فهي التي ورد ذكرها في المادة 40 الميثاق، وهي تقضى بأنه “منعًا لتفاقم الموقف لمجلس الأمن، قبل أن يقدم توصياته أو يتخذ التدابير المنصوص عليها في المادة 39، أن يدعو المتنازعين للأخذ بما يراه ضروريًا أو مستحسنًا من تدابير مؤقتة، ولا تخل هذه التدابير المؤقتة بحقوق المتنازعين ومطالبهم أو بمراكزهم. وعلى مجلس الأمن أن يحسب لعدم أخذ المتنازعين بهذه التدابير المؤقتة حسابه”.
والتدابير المؤقتة لا يمكن أن تقع تحت الحصر، والضابط لها هو عدم إخلالها بحقوق المتنازعين ومطالبهم ومراكزهم. وعلى أساس هذا الضابط يمكن ذكر بعض الأمثلة عليها: فالأمر بوقف إطلاق النار، والأمر بوقف الأعمال الحربية، والأمر بسحب القوات الحربية من بعض المناطق، والأمر بوقف أعمال الاقتصاص، وفرض تسوية بوليسية دولية مؤقتة على منطقة معينة، وفرض الهدنة .. إلخ، كل هـذا يُعد من التدابير المؤقتة. ومن الأمثلة البارزة على هذه التدابير المؤقتة القرار الذي اتخـذه مجلس الأمن في 29 من مايو سنة 1948 في خصوص مسألة فلسطين، فقـد دعا المجلس المتنازعين إلى وقف الأعمال الحربية على الفور، والامتناع عن إدخال قوات مسلحة في مناطق معينة، والامتناع عن تجنيد قوات جديدة أو تدريب الأشخاص الذين في سن الجندية تدريبا عسكريًا، والامتناع عن استيراد الأسلحة والذخائر.
والقرار الذي يصدره مجلس الأمن بدعوة المتنازعين إلى اتخاذ تدبير مؤقت ليس قرارًا ملزمًا بطبيعته وإن كانت له قوة أدبية كبيرة. ولعل مما يعزز هذا الرأي أن واضعي الميثاق استعملوا في المادة 40 ألفاظًا تؤيده. فالنص يستعمل لفظ التوصية، والتوصية غير ملزمة: ويستعمل أيضًا لفظي “يدعو المتنازعين” والدعوة قد تُجاب وقد تُرفض، ثم يذكر في ذيل المادة أن “على مجلس الأمن أن يحسب لعدم أخذ المتنازعين بهذه التدابير المؤقتة حسابه” مما يدل على أن قرار المجلس غير مُلزم وإن كان لرفض أحد المتنازعين تنفيذه أثر سياسي بالغ.
وأما التدابير غير العسكرية فهي التي ورد ذكرها في نص المادة 41، وهو يقضي بما يلي: لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء الأمم المتحدة تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفًا جزئيًا أو كليًا وقطع العلاقات الدبلوماسية.
والتدابير غير العسكرية التي عددها هذا النص لم يرد ذكرها على سبيل الحصر، بل على سبيل المثال. والقرار الذي يصدره مجلس الأمن في هذا الشأن قرار يلزم أعضاء الأمم المتحدة جميعًا. وليس لأحدهم أن يحتج في عدم تنفيذ هذا القرار بأحكام المعاهدات التي يكون قد سبق له الارتباط بها مع الدولة التي اتخـذ مجلس الأمن ضدها التدابير غير العسكرية، وذلك لأن المادة 103 من الميثـاق تقضى بأنه إذا تعارضت الالتزامات التي يرتبط بها أعضاء الأمم المتحدة وفقًا لأحكام هذا الميثاق مع أي التزام دولي آخر يرتبطون به، فالعبرة بالتزاماتهم المترتبة على هذا الميثاق. وإذا أصاب دولة ضرر اقتصادي ما من جراء تطبيقها لقرار مجلس الأمن فلها الحق في أن تتذاكر مع المجلس بصدد حل هذه المشاكل وفقًا لحكم المادة 50.
وورد ذكر الأعمال العسكرية في المادة 42، وهي تقضي بأنه: “إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تفِ به، جاز له أن يتخـذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه. ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات والحصر والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء الأمم المتحدة”.
وهذا ا النص لم يكن له نظير في عهد عصبة الأمم، ولذلك فإن هذا النص قد تقدم بالتنظيم الدولي إلى الأمام خطوتين: (الأولى) أنه يخول مجلس الأمن سلطة اتخاذ قرار باستعمال العقوبات العسكرية بواسطة القوات الجوية والبحرية والبرية بقصد العمل على استتباب السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه، (والثانية) أن القرار الذي يتخذه مجلس الأمن في هذا الشأن قرار ملزم لجميع أعضاء الأمم المتحدة، وذلك وفقًا لحكم المادة 24 الذي ينص على ما يلي: “يتعهد أعضاء الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفق هذا الميثاق”.
هذا ويُلاحظ أن تتابع المادتين 41 و42 لا يفيد أن المجلس ينبغي له أن يتخذ التدابير غير العسكرية أولا فإذا لم تُجدِ لجأ إلى التدابير العسكرية، بل أن للمجلس الحرية المطلقة في أن يقرر اتخاذ التدبير الذي يقع عليه اختياره لمعالجة الموقف الذي يبحثه. ومما يؤيد هذا الرأي أن مجلس الأمن قد اتخذ قرارًا بتطبيق العقوبات العسكرية على كوريا الشمالية قبل أن يلجأ إلى اتخاذ التدابير غير العسكرية، وبعد أن اتخذ تدبيرًا مؤقتًا هو الأمر بوقف إطلاق النار.
وثمة ملاحظة هامة في هذا الشأن وهي أن قرار المجلس صدر في شكل توصية لتقديم المساعدة العسكرية لكوريا الجنوبية. ومن المعلوم أن التوصية – وأو أن لها قيمة سياسية وأدبية عظيمة – إلا أنها غير ملزمة.
ولما كان مجلس الأمن لا يستطيع القيام بتبعاته في شأن إزالة التهديد للسلم أو إعادة السلم إلى نصابه إلا إذا كان مزودًا بالسلطات اللازمة التي تمكنه من استخدام القوة المادية عند الاقتضاء، فقد بحث واضعو الميثاق هذا الأمر بحثًا مستفيضًا في مؤتمر سان فرانسيسكو وكان عليهم أن يختاروا حلا من الحلول التالية:
- الأول: إنشاء جيش دولي يحل محل الجيوش الوطنية أو يسمو عليها.
- الثاني: وضع وحدات من الجيوش الوطنية تحت إشراف دولي حقيقي للعمل على تحقيق أغراض الأمم المتحدة.
- الثالث: تكليف بعض الجيوش الوطنية بالتعاون فيما بينها على تحقيق الأغراض التي يشير بها مجلس الأمن مع احتفاظ كل من هذه الجيوش بقيادته الوطنية.
ولما كان الحل الثالث هو الحل الذي كان متبعًا في عهد عصبة الأمم فقد رُئي أنه غير كافِ وغير مُجدٍ. ولما كان الحل الأول غير مقبول لدى غالبية الدول لما فيه من مساس بمسألة السيادة، فقد وقع الاختيار على الحل الثاني. وتطبيقا لذلك نصت الفقرة الأولى من المادة 43 على أن “يتعهد جميع أعضاء الأمم المتحدة في سبيل المساهمة في حفظ السلم والأمن الدولي أن يضعوا تحت تصرف مجلس الأمن بناءً على طلبه، وطبقًا لاتفاق أو اتفاقات خاصة، ما يلزم من القوات المسلحة والمساعدات والتسهيلات الضرورية لحفظ السلم والأمن الدولي ومن ذلك حق المرور”.
كما نصت الفقرة الثانية من المادة على أنه: “يجب أن يحدد ذلك الاتفاق أو تلك الاتفاقات عدد هذه القوات وأنواعها ومدى استعدادها وأماكنها عمومًا ونوع التسهيلات والمساعدات التي تقدم”.
وفي 16 من فبراير سنة 1946 أصدر مجلس الأمن قرارًا يطلب فيه من لجنة أركان الحرب التي أنشأتها وحددت اختصاصاتها المـادة 47 من الميثاق أن تبحث أمر وضع نص المادة 43 موضع التنفيذ وأن تضع تقريرًا تبين فيه مدى احتياجاتها العسكرية. وقد ظلت لجنة أركان الحرب تبحث هذا الأمر سنة كاملة، ثم رفعت في 30 من إبريل سنة 1947 تقـريرًا تضمن قائمة بإحدى وأربعين مادة اجتمعت آراء أعضائها على خمس وعشرين منها (30). ولما عُرض الأمر على مجلس الأمن ظهر جليـًا أن اتفـاق وجهات النظر بين أعضاء المجلس – وعلى الأخص الأعضـاء الدائمين – أمر عسير. فوقف البحث عند هذا الحد. ولم يعقد للآن أي اتفاق من النوع المشار إليه في المادة 43. ولما كان واضعو الميثاق قد توقعـوا أن يمضي بعض الوقت للوصول إلى نتيجة إيجابية في شأن عقد هذه الاتفاقات فقد قرروا في المادة 106 ما يلي: “إلى أن تصـير الاتفاقات الخاصة المُشار إليها في المادة 43 معمولا بها على الوجه الذي يرى معه مجلس الأمن أنه أصبح يستطيع البدء في احتمال مسئولياته وفقًا للمادة 43، تتشاور الدول التي اشتركت في تصريح الدول الأربع الموقع عليه في 30 من أكتوبر سنة 1943 هي وفرنسا وفقًا لأحكام الفقرة الخامسة من التصريح، كما تتشاور الدول الخمس مع أعضـاء الأمم المتحدة الآخرين، كلما اقتضت الحال، للقيام نيابة عن الهيئة بالأعمال المشتركة التي قد تلزم لحفظ السلم والأمن الدولي” (31).
وهذه المادة – كما هو ظاهر – تُلقي تبعة حفظ السلم والأمن الدولي على الدول الموقعـة على تصريح موسكو وعلى فرنسا، أي على الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن، وذلك في فترة الانتقال، أي إلى أن يقرر مجلس الأمن أنه قد تولى جميع تبعاته. وهذا الحكم يتفق مع روح الميثاق، وذلك لأن الدول العظمى الخمس هي التي يقع عليها في الأصل العبء الأكبر في العمل على استتباب السلم والأمن الدولي، وقد خولها الميثاق امتيازات خاصة تحقيقًا للجمع بين عاملي القوة والمسئولية، واشتمل النص على ضمانتين، يدفع بهما سوء استعمال هذه السلطة الخطيرة التي زود بها الأعضاء الدائمون وهما: وجوب تشـاور الدول الخمس كلما اقتضت الحال، ووجوب أن يكون العمل المزمع القيام به للمحافظة على السلم أو إعادته إلى نصابه عملا متفقًا عليه بينها جميعًا.
وثمة ملاحظة أخيرة في هذا الشأن وهي أن المادة 51 من الميثاق تنص على أنه “ليس في هذا الميثاق ما يرد أو ينتقص الحق الطبيعي للدول فرادى أو جماعات في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة، وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، ويبلغ المجلس فورًا التدابير التي اتخذها الأعضاء لمباشرة حق الدفاع عن النفس، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال في سلطة المجلس ومسئولياته المستمدة من أحكام هذا الميثاق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه”. وظاهر أن النص قد وضع حدودًا معينة فيما يتعلق باستعمال حق الدفاع الشرعي:
- أولها: ألا يُستعمل هذا الحق إلا عند وقوع اعتداء مسلح على أحد أعضاء الأمم المتحدة.
- ثانيها: أن يُبلغ مجلس الأمن فورًا التدابير التي اتخذها العضو أو الأعضاء لمباشرة حق الدفاع عن النفس.
- ثالثها: أن الفترة التي يستعمل فيها حق الدفاع عن النفس هي تلك التي تمتد من وقت وقوع الاعتداء المسلح إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة، وإلا ظل استعمال حق الدفاع عن النفس قائمًا.
نظام الإجراءات في مجلس الأمن
تقضي أحكام لائحة الإجراءات المؤقتة التي وافق عليها مجلس الأمن بجلسته المنعقدة في ٢٤ من يونيو سنة 1946 بأن مجلس الأمن يعقد جلساته بناءً على دعوة رئيسه. ويدعو الرئيس المجلس إلى الانعقاد كلما رأى ذلك ضروريًا أو طلب إليه ذلك عضو من أعضاء المجلس أو إذا عُرض على المجلس نزاع أو موقف للبت في شأنه أو إذا أصدرت الجمعية العامة توصية إلى المجلس بفحص مسألة معينة في الحدود التي رسمها الميثاق في مادته التاسعة والتسعين. ويعتبر مجلس الأمن هيئة تجلس على سبيل الاستمرار، ولذلك نصت المادة الأولى من اللائحة على أنه يجب ألا تزيد الفترة بين جلستين على أربعة عشر يومًا.
ويعقد مجلس الأمن جلساته عادة في مقر هيئة الأمم المتحدة، ولكل عضو من أعضاء المجلس وللأمين العام أن يقترح على المجلس عقد جلساته في مكان آخر، فإذا وافق المجلس على الاقتراح فإنه ينظر في اختيار المكان الذي تنعقد فيه الجلسات وفي تحديد المدة التي يجلس فيها في المكان المختار (المادة 5 من اللائحة).
وتقضي المادة 6 من اللائحة المؤقتة بأنه على الأمين العام أن يرفع إلى علم أعضاء مجلس الأمن جميع المراسلات التي تصدر عن الدول أو عن فروع الأمم المتحدة أو عن الأمانة العامة في خصوص المسائل المعروضة على المجلس.
ويتكفل الأمين العام بإعداد جدول الأعمال المؤقت لكل جلسة ويعرضه الرئيس على المجلس في مستهل كل جلسة للموافقة عليه. وكل مسألة معينة لا ينتهي المجلس من النظر فيها في جلسة ما تدرج آليًا في جدول أعمال المجلس التالية، ومتى أُدرجت مسألة معينة في جدول أعمال المجلس فإن المجلس وحده هو الذي يستطيع حذفها من الجدول، بمعنى أن من عرض هذه المسألة على المجلس لا يستطيع بإرادته المنفردة أن يسحبها من جدول أعمال المجلس إلا إذا وافق المجلس على ذلك.
وقد حدث أن طلبت إيران حذف الشكوى التي تقدمت بها إلى مجلس الأمن في خصوص تصرفات الاتحاد السوفييتي فلم يُجب المجلس طلبها، واحتفظ بالمسألة في جدول أعماله (32). وعندما عجز مجلس الأمن عن الوصول إلى قرار في شأن النزاع المصري البريطاني ادعى ممثل المملكة المتحدة أمام المجلس أن النزاع يُعد مشطوبًا من جدول أعمال المجلس، فقرر مندوب الاتحاد السوفييتي – وكان رئيسًا للمجلس وقتذاك – أن النزاع يظل مقيدًا بجدول أعمال المجلس إلى أن يتخذ المجلس قرارًا بحذفه (33).
ويرأس المجلس كل عضو من أعضائه على سبيل التداول وفقًا للنظام الأبجدي الإنجليزي لأسماء الدول الأعضاء، ومدة رياسة كل عضو شهر كامل (المواد من 18 إلى 20).
وللمجلس خمس لغات رسمية هي: الإنجليزية والصينية والإسبانية والفرنسية والروسية. وله ثلاث لغـات للعمل هي: الإنجليزية والفرنسية والإسبانية. ومن يستعمل إحدى لغات العمل تُترجم أقواله إلى لغتي العمل الأخريين. ومن يستعمل إحدى اللغات الرسمية من غير لغات العمل تُترجم أقواله إلى لغات العمل جميعًا. وعلى من يستعمل لغة من غير اللغات الرسمية أن يقدم ترجمـة لأقواله بإحدى لغات العمل (المواد 41 إلى 44).
وتقضي المادة 31 من اللائحـة بأن مشروعات القرارات والتعديلات عليها يجب أن تُعرض على المجلس كتابة. وإذا تقدمت للمجلس مشروعات قرارات متعددة في مسألة معينة فإن التصويت يجري في شأنها وفق الترتيب الزمني لتقديمها. وإذا قُدم تعديل على مشروع قرار مطروح على المجلس فإنه يجب التصويت على التعديل أولا. فإذا تعددت التعديلات المقدمة يجب أن يتم التصويت وفقًا للترتيب التالي: يجب التصويت أولا على التعديل الذي يتضمن إضافةً أو حذفًا لما جاء في مشروع القرار المنظور. وترتيب التعديلات الأخرى وفقًا لبعدها عن مشروع القرار المنظور من حيث الموضوع، فيصوت على التعديل الأكثر بعدًا ثم الأدنى منه … وهكذا. وإذا تقدم أحد أعضاء المجلس بطلب تقسيم مشروع القرار أو التعديل للتصويت عليه مجزءًا فإنه يجب إجابة طلبه (المواد من 30 إلى 36).
وجلسات مجلس الأمن علانية إلا في الحالة التي يقرر فيها خلاف ذلك. ويجب أن تتم مداولات المجلس في شأن إصدار التوصية بتعيين الأمين العام في جلسات سرية.
الهوامش
- (1) وقد أدى تبدل حكومة الصين إلى نشوء حالة شاذة في مجلس الأمن، فقد استمرت أغلبية أعضاء المجلس معترفة بحكومة الصين الوطنية، ورفضت تمثيل الحكومة الشيوعية داخل المجلس على الرغم من أن السلطة الفعلية في الصين قد انتقلت من الحكومة الوطنية إلى الحكومة الشيوعية. وقد ترتب على ذلك أن امتنع ممثل الاتحاد السوفييتي من حضور جلسات المجلس مند يناير سنة 1950 وأعلن أن دولته لن تعترف بأي قرار يصدره المجلس المذكور إلى أن تحل مشكلة تمثيل الصين. وقد ازدادت هذه المشكلة حدة على إثر حوادث كوريا التي بدأت في 25 من يونيو سنة 1950، وحتى الآن (1964) لم تستطع الصين الشيوعية شغل مركزها في مجلس الأمن.
- (2) انظر .Lee, Dwight E في بحثه The penesin of the Veto في Int. Organisation سنة 1947، ص 33 – 42. وكذلك أقوال السير ألكسندر كادرجان في مجلس الأمن، محاضر مجلس الأمن، السنة الثانية، رقم 32 ص 682 وما بعدها.
- (3) راجع نص هذه الأسئلة في محاضر مؤتمر سان فرانسيسكو، الوثيقة رقم 855. وكذلك في مؤلف هامبرو، الطبعة الأولى سنة 1946 ص 126.
- (4) انظر تصريح هذه الدول في مؤلف هامبرو، الطبعة الأولى، ص 128 وما بعدها.
- (5) انظر محاضر مجلس الأمن، السنة الأولى رقم 1، ص 4 – 7.
- (6) انظر محاضر مجلس الأمن، رقم 20، ص 385 من سنة 1946.
- (7) انظر محاضر مجلس الأمن 15 سبتمبر 1947 ص 186.
- (8) انظر محاضر مجلس الأمن السنة الأولى رقم 16 ص 412.
- (9) انظر محاضر مجلس الأمن السنة الثانية رقم 21 ص 425.
- (10) انظر محاضر مجلس الأمن السنة الثالثة رقم 62 ص 19.
- (11) امتنع مندوب الإتحاد السوفييتي من حضور جلسات مجلس الأمن منذ يناير سنة 1950 في أثر رفض الطلب الخاص باستبدال ممثل الصين الشيوعية بممثل الصين الوطنية. وظل ممتنعًا عن حضور جلسات المجلس عدة أشهر، مما أنشأ حالة شاذة داخل المجلس ظهرت آثارها السيئة بمناسبة الموقف في كوريا.
- (12) انظر محاضر الجمعية العامة في القسم الثاني من دور الانعقاد الأول، ص 1140وما بعدها.
- (13) محاضر الأمم المتحدة، الوثيقة أ/351.
- (14) انظر وثائق الأمم المتحدة، الوثيقة أ/346.
- (15) انظر توصيات الجمعية العامة، الوثيقة أ/519.
- (16) انظر وثائق الأمم المتحدة، الوثيقة أ/578.
- (17) أصدر مجلس الأمن توصية بالإجماع بتعيين الأمين العام السابق للأمم المتحدة، فعينته الجمعية بقرار صدر بأغلبية 46 صوتًا ضد ثلاثة أصوات.
- (18) انظر محاضر مجلس الأمن رقم 22 ص 686 وما بعدها، ورقم 24 ص 721 وما بعدها وبحث إيجلتون في الجريدة الأمريكية للقانون الدولي العدد x L ص 513 وما بعدها.
- (19) انظر مؤلف هامبرو، الطبعة الثانية، سنة 1948، ص 238 و239.
- (20) المادة الثانية من الميثاق في فقرتها الثالثة.
- (21) المادة الثانية من الميثاق في فقرتها الرابعة.
- (22) انظر ایجلتون، محاولة تعريف الحرب، في Int . Conciliation رقم 291.
- (23) انظر تقرير بول بنكور مقرر اللجنة في محاضر سان فرانسيسكو، الوثيقة 881/46 ص 6.
- (24) انظر محاضر مجلس الأمن، السنة الأولى، رقم 28 ص 541.
- (25) انظر محاضر مجلس الأمن، السنة الأولى، رقم 37 إلى 42.
- (26) انظر محاضر الأمم المتحدة رقم س/451، س/471، س/486.
- (27) انظر محاضر مجلس الأمن، السنة الثانية، رقم 67، ص 1626 وما بعدها.
- (28) انظر محاضر مجلس الأمن، السنة الثالثة، رقم 69 و70 و77 و78 وما يليها.
- (29) أصدر الرفيق جروميكو نائب وزير الخارجية في الاتحاد السوفييتي بيانًا جاء فيه أن قرار المجلس يُعد قرارًا باطلا من حيث القانون وذلك لأن ممثلي الاتحاد السوفييتي والصين الشيوعية لم يشتركا في مداولات المجلس عند إصداره.
- (30) انظر وثائق الأمم المتحدة، الوثيقة رقم س/363.
- (31) هذا هو نص الفقرة الخامسة من تصريح موسكو: That for the purpose of maintaining international peace and security pending the re-establishment of law and order and the inauguration of a system of general security, they will consult with another and as occasion requires with other members of the United Nations with a view to action on behalf of the community of nations.
- (32) انظر الكتاب الخاص بأعمال الأمم المتحدة سنة 1946، ص 227 وما بعدها.
- (33) انظر مناقشات مجلس الأمن جلسة مساء الأربعاء الموافق 10 من سبتمبر سنة 1947 وتقرير الدكتور حامد سلطان عن المسألة المصرية ص 24.
المراجع
- كتاب القانون الدولي العام، تأليف الدكتور حامد سلطان، أستاذ ورئيبس قسم القانون الدولي العام، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، الطبعة الثانية، يناير 1965.