تقرير البحث العلمي – تعريفه وعناصره وطريقة كتابته

ما هو تقرير البحث

بعد أن يتم الباحث إجراءات البحث أو الدراسة التي نفذها، يُتوقع منه أن يكتب تقريرًا عن هذه الدراسة يُسمى تقرير البحث حتى يقدمه إلى الجهة التي مولت الدراسة، أو إلى دورية معينة من أجل النشر والتوثيق، أو يقدمه إلى الجامعة التي طلبت منه إجراء البحث استكمالا لمتطلبات الدرجة العلمية التي يسعى إلى الحصول عليها. وتختلف الجامعات ومؤسسات البحث والدوريات في تحديدها للمواصفات اللازم توافرها في تقرير البحث وتستهدف المواصفات عادة التأكيد على أمور أساسية من أهمها:

  • سلامة اللغة المستخدمة في البحث
  • صحة المعلومات الواردة في البحث
  • ملاءمة التنظيم وكفاءته في توصيل المعرفة للقارئ بسهولة ويسر

ويختلف الأفراد عادة في مدى ميلهم إلى الكتابة أو امتلاكهم لمهارتها.

فقد يجد البعض أن القيام بإجراءات البحث أسهل عليه من كتابة تقرير يصف فيه إجراءات البحث التي قام بها والنتائج التي حصل عليها. بينما يجد البعض الآخر متعة وسهولة في كتابة تقرير البحث أكثر مما يجدونه في تنفيذ إجراءات البحث. وهذا ما يفسر ضرورة وجود شخص له اهتمام كافِ في الكتابة ضمن فريق البحث أو الدراسة أحيانًا للقيام بهذه المهمة.

تقرير البحث وخطة البحث

ويُعد مخطط البحث أو خطة البحث، التي يجري إعدادها قبل الشروع في تنفيذ البحث، مادة أساسية في التقرير الذي يكتبه الباحث بعد الانتهاء من إجراءات التنفيذ. فكثير من عناصر التقرير سبق أن تمت صياغتها في خطة البحث وقد لا يلزمها أي تغيير جذري، باستثناء استبدال صيغة المستقبل في خطة البحث بصيغة الماضي عند كتابة تقرير البحث، إلا أن هناك إضافات أو تعديلات قد تجدّ أثناء تنفيذ البحث. فمثلا قد تقتضي الظروف العملية أحيانًا إعادة تحديد متغيرات الدراسة أو مجتمعها، مما يستلزم بعض التعديل في العنوان الرئيسي. وقد تُضاف أو تُحذف أو تُدمج بعض فرضيات البحث، أو تنشأ ظروف لم تكن في الحسبان، تمثّل محددات جديدة للدراسة. كذلك فإن العرض الموجز لخلفية الدراسة وأهميتها في خطة البحث يستلزم توسعًا في تقرير البحث وذلك في ضوء ما أطلع عليه الباحث من دراسات وبحوث أثناء تنفيذ البحث.

وتشتمل كتابة تقرير البحث في العادة على مراجعة وافية للأدب السابق الذي يتعلق بموضوع الدراسة، الأمر الذي قد لا تكون خطة البحث قد تضمنته بالضرورة.

وأخيرًا فإن بعض الفقرات في خطة البحث يُعاد ترتيبها وتبويبها لتتسق مع التنظيم النهائي لمادة تقرير البحث بشكله النهائي.

اعتبارات كتابة تقرير البحث

تكفي الإشارة في هذا المقام، إلى ما ورد في فصل إعداد خطة البحث من الاعتبارات التي لزم مراعاتها، فيما يتعلق بكل من:

  • عنوان الدراسة وتحديد مشكلتها
  • متغيرات الدراسة
  • فرضيات البحث أو الدراسة
  • تعريف المصطلحات
  • تحديد افتراضات البحث ومحدداته
  • وصف إجراءات التنفيذ

إلا أن المحتوى الأساسي للتقرير الذي لا يتوفر في خطة البحث هو بيانات البحث التي يتم جمعها باستخدام أدوات معينة، ثم يجري تبويبها وعرضها وتحليلها بطرق مختلفة لاستخلاص نتائج البحث، ومن ثم تفسير هذه النتائج ومناقشتها، وتقديم الاقتراحات والتوصيات المناسبة في ضوئها. ولذلك يلزم إفراد بعض الفقرات الخاصة بما ينبغي مراعاته في كتابة هذه العناصر من تقرير البحث بشكله النهائي.

للمزيد، يمكن قراءة المزيد حول موضوع: خطة البحث العلمي وعناصرها الأساسية

الموسوعات العلمية – كتاب البحث العلمي

إجراءات جمع البيانات

يوضح الباحث الإجراءات التي سلكها لجمع البيانات خطوة خطوة وبالتفصيل، ابتداء بالطريقة التي اتخذ فيها القرار الخاص بتحديد نوع البيانات اللازمة وطبيعتها والأدوات التي يلزم استخدامها في جمع هذه البيانات. مع الشرح اللازم لطريقة التأكد من صدق الأدوات وثباتها وملاءمتها، للحصول على بيانات تصلح للاعتماد عليها في استخلاص النتائج، وتقتضي الأمانة أن يُورد الباحث في تقريره أية أخطاء أو جوانب ضعف في إجراءات البحث أو الدراسة تم اكتشافها أثناء تنفيذ البحث، والدرجة التي تعتبر فيها هذه الجوانب عوامل تحدّ من قبول النتائج أو تعميمها.

ويوضح الباحث أيضًا الطريقة التي تم فيها استخدام الأدوات في جمع البيانات مضمنًا ذلك بشكل صريح:

  • متى وأين تم جمع البيانات
  • عدد الأفراد الذين جُمعت منهم البيانات
  • خصائص هؤلاء الأفراد

عرض البيانات في تقرير البحث

يُعد التخطيط المسبق للطريقة التي يلزم أن تُعرض فيها بيانات الدراسة في التقرير النهائي للبحث أو الدراسة أمرًا مهمًا. ومن غير المستحسن أن يؤجل التفكير في هذا الأمر. فإذا تم التخطيط لذلك، يصبح من الواضح للباحث ما الفئات المحددة للبيانات وما الفئات ذات العلاقة التي يلزم إثباتها في التقرير، وما الأشكال الملاءمة لعرض هذه البيانات.

والمعروف أن عرض البيانات يمكن أن يتم بأشكال مختلفة. فقد تُعرض البيانات في جدول واحد يبرز علاقة فئات البيانات ببعضها البعض. ويمكن أن تُعرض البيانات في عدة جداول، يُستخدم كل منها لاختبار إحدى فرضيات الدراسة. كما تُستخدم في عرض البيانات أشكال أخرى كالرسوم البيانية، التي تتضمن:

  • الأعمدة أو المنحنيات
  • الصور الفوتوغرافية
  • الخرائط والمخططات

وغيرها من الأشكال.

الجداول في تقرير البحث

يُعتبر الجدول طريقة منظمة لعرض البيانات العددية، من خلال أعمدة رأسية وصفوف أفقية، حسب الفئات التي يمكن استخدامها في تصنيف البيانات. ويستطيع الجدول في كثير من الأحيان أن يعرض البيانات بطريقة دقيقة وفاعلة تسمح للقارئ أن يتفحصها ويلاحظ العلاقات فيما بينها بطريقة أسهل من مجرد النص اللغوي. ويُغني الجدول عن ذكر كثير من المعلومات التي يمكن ملاحظتها مباشرة فيه، فلا داعي لتكرارها في النص اللغوي، بل تكفي مجرد الإشارة إلى محتوى الجدول، ونوع البيانات التي يعرضها، وأهم النتائج التي يمكن ملاحظتها فيه بحيث تتكامل بيانات الجدول مع النص الذي يوضحه.

ومع ذلك فإن الجدول يجب أن يكون قائمًا بذاته، من حيث وضوح محتوى الأعمدة والصفوف ونوع البيانات وطبيعة الرموز المستخدمة فيه. ويمكن أن يتحقق ذلك عن طريق كتابة عناوين رأسية تحدد نوع البيانات في كل عمود وعناوين أفقية تحدد نوع البيانات في كل صف أفقي، وحاصل جمع أو متوسط البيانات في الأعمدة والصفوف، بالإضافة إلى عدد مميز وعنوان رئيسي يُكتب فوق الجدول. ويُشير العدد المميز للجدول إلى الرقم المتسلسل للجدول في البحث (جدول رقم 5 مثلا).

وقد يتكون هذا الرقم من عددين يشير العدد الأول إلى رقم الفصل والثاني رقم الجدول (مثلا: جدول رقم 4:3 للإشارة إلى جدول رقم 4 في الفصل الثالث) وإذا استُخدم في الجدول رمز معين أو إشارة معينة فلا بد من توضيح دلالة هذا الرمز أو الإشارة في حاشية توضيحية أسفل الجدول مباشرة.

وإذا كانت مساحة الجدول أكبر من مساحة الصفحة الواحدة فيجب تصغيره بالتصوير حتى يُصبح بالإمكان عرضه في صفحة واحدة. وإذا كان طول الجدول أقل أو يساوي نصف طول الصفحة فيمكن تكملة الصفحة بالنص اللغوي بعد فصله عن الجدول بمسافتين فارغتين. أما إذا كان طول الجدول أكبر من نصف طول الصفحة فيجب أن يظهر الجدول وحده في هذه الصفحة.

محتويات الجداول

عند الحديث عن محتويات جدول معين في النص اللغوي فيجب الإشارة إلى الجدول برقمه وتجنب الإشارة إليه بالجدول التالي أو الجدول أعلاه. وإذا رأى الباحث ضرورة لاقتباس جدول كامل من مصدر معين، فلا بد من الإشارة الواضحة إلى المرجع بكتابة توثيق كامل للمرجع في حاشية توضيحية أسفل الجدول. ويلزم في هذه الحالة استئذان المؤلف أو صاحب حقوق النشر.

ومن جوانب الضعف في التقرير أن يتضمن جداول لا ترتبط بمحتوى التقرير، أو أن يتضمن جداول كثيرة يحتاج القارئ إلى الربط بين محتوياتها حتى يتوصل إلى النتائج التي يعرضها التقرير في النص اللغوي. ففي الحالة الأولى يمكن حذف الجدول نهائيًا أو تضمينه في الملاحق إذا كان يخدم غرضًا عامًا في البحث، وفي الحالة الثانية فيمكن إعادة تنظيم البيانات المعروضة في جدولين أو أكثر لتضمينها في جدول واحد يسهل على القارئ ملاحظة العلاقات والتوصل إلى النتائج بسهولة.

الأشكال في تقرير البحث

الشكل هو أداة لعرض البيانات الإحصائية بواسطة الرسم البياني. وتُستخدم في الرسم البياني الأعمدة الرأسية أو الأفقية والخطوط المتصلة أو المتقطعة، والمنحنيات والخرائط التمثيلية وغيرها. وعند استكمال الأشكال البيانية بعناية كافية فإنها تعبر عن جوانب من البيانات بطريقة بصرية واضحة تسهل على القارئ فهمها.

ولا يُغني الشكل البياني عن الجدول العددي أو عن التوضيح بالنص اللغوي وإنما يجري استخدامه لتأكيد بعض العلاقات المهمة. ويُعتد في رسم الأشكال الاعتبارات التي سبق ذكرها في الجداول، من حيث كون الشكل قائمًا بذاته في الدلالات التي يشير إليها وعلاقته بالنص اللغوي الذي يشير إليه ومراعاة الوضوح والدقة والبساطة في رسمه. ويُشار إلى الأشكال في تقرير البحث أو الدراسة بأرقام متسلسلة مستقلة عن أرقام الصفحات والجداول. وخلافًا لما يجري في الجداول فإن رقم الشكل وعنوانه يوضعان تحت الشكل ومنفصلين عنه.

وهناك تفصيلات خاصة تتعلق برسم الأشكال المختلفة من حيث استخدام الخطوط والمساحات والرموز والأعداد. فمثلا يُستحسن أحيانًا استعمال الدائرة لتمثيل وحدة معينة، وتقسيمها إلى قطاعات دائرية تمثل النسب المئوية للمكونات المختلفة لتلك الوحدة، بينما يُستحسن أحيانًا أخرى استعمال الأعمدة لتمثل نمو الأعداد من فئات مختلفة في مجتمع معين. وعندما يلزم استخدام الرسوم البيانية فإن محاور الرسم البياني تُميَّز بخطوط عريضة بينما تمثل خطوط المنحنى البياني بخطوط رفيعة متصلة أو متقطعة أو منقطة لتمييز الفئات المختلفة.

ويفضل أن يخصص المحور الأفقي للمتغير المستقل والمحور الرأسي للمتغير التابع. وتُحدد نقطة الصفر بوحدة القياس المستعملة وتكون تدريجات القياس متساوية ومرقمة بشكل واضح.

تحليل البيانات وعرض النتائج

يتم جمع البيانات عادة لغرض محدد، ولذلك يلزم التذكير في هذا الجزء من التقرير بالهدف من الدراسة أو بالأسئلة التي تستهدف الإجابة عنها أو بالفرضيات التي تستهدف اختبارها، ثم يقسم جزء تحليل البيانات تبعًا لذلك.

تستخدم الجداول في عرض البيانات بطريقة تسمح بإجراء المقارنات والعمليات الإحصائية. ويلزم هنا التمييز الدقيق بين الحقائق أو النتائج التي يمكن التوصل إليها من تحليل البيانات وبين وجهة نظر الباحث في تعليل هذه النتائج وتفسيرها. لذلك فإن الباحث يقتصر في تحليل البيانات على بيان نتائج اختبار الفرضيات، وذلك في حدود كل من:

  • الدلالات الإحصائية المتحققة
  • وطبيعة الفروق بين الفئات
  • واتجاه هذه الفروق

وعلى الباحث أن يشير إلى جميع الدلائل المتوافرة بخصوص كل نتيجة من النتائج، سواء كانت هذه الدلائل إيجابية أو سلبية. وعلى الباحث أن يكون حذرًا عند إصدار التعميمات فلا يتجاوز فيها مجتمع الدراسة وظروفها ومحدداتها. كذلك تقتضي موضوعية البحث أن يشير الباحث إلى أية تطورات غير متوقعة، أو أية أخطاء ظهرت له أثناء تنفيذ الدراسة إذ يكتشف كثير من الباحثين في هذه المرحلة جوانب ضعف في تصميم أو في إجراءات البحث أو الدراسة.

ومن المهم هنا أن التذكير بأن الباحث ربما يلزمه العودة إلى البيانات الخام التي جمعها في دراسته. لذلك لا بد أن يحتفظ بها بطريقة منظمة تسهل عليه العودة إليها إذا دعت الحاجة. أما في هذا الجزء من التقرير فإنه يكتفي بإثبات خلاصات هذه البيانات، على شكل جداول وأشكال، تسمح باختبار فرضيات الدراسة والإجابة عن أسئلتها. ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الباحثين تضمين تقرير البحث لكثير من البيانات الخام والإكثار من الجداول والأشكال دون أن يكون لها أهمية خاصة في التوصل إلى نتائج مهمة.

مناقشة النتائج

يلجأ بعض الباحثين إلى دمج الجزء المتعلق بعرض النتائج مع الجزء المتعلق بمناقشة هذه النتائج تحت عنوان واحد يسمى مثلا (تحليل نتائج الدراسة ومناقشتها)، لكن باحثين آخرين يفضلون إفراد مناقشة النتائج في فصل مستقل. وقد يحسن ذلك لأغراض تدريب الباحثين المبتدئين وطلبة الدراسات العليا، لإبراز الدور المهم الذي يلزم الباحث أن يقوم به في هذه المرحلة من كتابة تقرير البحث أو الدراسة.

ويقسم بعض الباحثين فصل مناقشة النتائج إلى جزأين، يتضمن الأول منهما تفسير النتائج ويتضمن الثاني توصيات الدراسة ونتائجها الختامية. ويعبر هذا الجزء (مناقشة النتائج) في الحقيقة عن القدرة الإبداعية للباحث ومهارته في ربط النتائج التي توصل إليها بالحالة الفكرية الراهنة لموضوع البحث، وتقييم مدى الإسهام الذي حققته دراسته في هذا المجال وطبيعة الجهد البحثي الذي يلزم بذله لمواصلة تطوير المعرفة فيه. كما أن قدرة الباحث على كتابة هذا البند من التقرير بطريقة جيدة هو تعبير عن مستوى النمو الذي حصل عليه الباحث نتيجة للجهد الذي قام به أثناء هذا البحث.

ويتضمن بند مناقشة النتائج نظرة تحليلية ناقدة لنتائج الدراسة في ضوء تصميمها ومحدداتها، وفي ضوء نتائج الدراسات والبحوث السابقة، وفي ضوء الإطار النظري الذي تقع فيه الدراسة. وتتم في هذا البند الإشارة إلى نتائج اختبار فرضيات الدراسة ومدى اتفاق أو تعارض هذه النتائج مع الدراسات السابقة، والأسباب التي ربما تفسر هذه النتائج، والمدى الذي يمكن أن تعمم فيه هذه النتائج، وبالتالي التطبيقات العملية والقرارات التي يقترح الباحث اتخاذها في مجال تطوير الممارسات الواقعية.

دور خبرة الباحث

في ضوء الخبرة التي اكتسبها الباحث أثناء مراحل البحث فيما يتعلق بموضوع الدراسة أو البحث وتصميم وإجراءات البحث، يستطيع أكثر من غيره التوصية باستكمال دراسة جوانب الموضوع التي لم تستهدفها دراسته، واقتراح دراسات أخرى يتم فيها تجنب عوامل الضعف والقصور التي أمكن تمييزها، وتطوير أدوات أكثر دقة وإجراءات أكثر تحديدًا، واشتمال هذه الدراسات على قطاعات أخرى من مجتمع الدراسة. وهكذا ينتهي البحث بنتيجة تعزز الطبيعة الحركية المتنامية للمعرفة العلمية وتؤكد حاجة الإنسان إلى مواصلة البحث ودوام السعي نحو المعرفة (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا).

ولا بد من التأكيد على أن محتويات هذا البند من التقرير ذات أهمية بالغة، لذلك يجب التوصل إليها من خلال ما يتجمع للباحث من حقائق وتعميمات تستند إلى معطيات الدراسة وبياناتها، وليست مجرد وجهات نظر أو انطباعات مقررة سلفًا. فلا قيمة لتوصيات الباحث أو مقترحاته إذا لم تنبثق من نتائج دراسته.

وإذا كانت الدراسة قد صممت لتقييم إطار نظري معين، فإن هذا الجزء من التقرير يتضمن إعادة صياغة هذا الإطار النظري، في ضوء نتائج الدراسة. وبالتالي يلزم تحديد بنود النظرية الجديدة والكيفية التي يلزم تطوير الممارسات العملية في ضوء هذه النظرية.

التوثيق في تقرير البحث

لم تعد المعرفة في هذه الأيام عطاء فكري خاص بفرد معين، يصيغه بلغته الخاصة، في رسالة أو كتاب أو مرجع، وإن كانت هناك حالات خاصة بالإبداع الأدبي ينتج فيها الشاعر أو الكاتب نصًا أدبيًا متميزًا، يعبر فيه عن الموهبة الخاصة والأداء المبدع، إلا أن البحث العلمي الذي نتحدث عنه هو جهد إنساني متصل يلزم فيه أن يقوم الباحث بمسح جهد الباحثين السابقين والإضافة إليه والتمهيد لباحثين لاحقين. وفي هذا السياق يشير الباحث عادة إلى نتاج غيره فيعتمده ويبني عليه أو ينتقده ويظهر جوانب العجز فيه. وقد يلزم أحيانًا أن يستفيد الباحث فكرة من غيره يصيغها بلغته الخاصة، أو يقتبسها بنصها.

وتقتضي أعراف البحث في جميع هذه الحالات الإشارة إلى المصادر التي رجع إليها الباحث وتوثيقها، ولا تعبر عملية التوثيق هذه عن الأمانة العلمية في البحث أو الدراسة فحسب، وإنما تعكس الطريقة التي تتفاعل فيها المعرفة العلمية لدى أجيال الباحثين، وتمثل أساسًا للحكم على الدرجة التي استوفى فيها باحث معين عملية تتبع المعرفة العلمية اللازمة له، حتى يتمكن من الإسهام في تقدم المعرفة واستمرار نموها. كما تفيد القارئ في نسبة الأفكار إلى أصحابها، ومعرفة المزيد عنهم حين تلزمه العودة إلى المراجع المشار إليها.

وهناك طرق مختلفة في التوثيق، وقد لا يهم القارئ اختلاف طرق التوثيق بقدر ما يهمه وضوح الطريقة والانتظام في استعمالها. ويصعب تفضيل طريقة معينة في التوثيق على غيرها لذلك فإن العنصر الأساسي في عملية التوثيق هو استخدام نمط معين بطريقة منتظمة والالتزام بها أثناء الكتابة.

وفيما يلي طريقتين للتوثيق:

1. التوثيق في صلب التقرير

يُشار إلى المرجع أثناء كتابة النص اللغوي للتقرير باسم المؤلف وتاريخ نشر المرجع، وأحيانًا رقم الصفحة في ذلك المرجع. ويختلف شكل التوثيق باختلاف السياق اللغوي.

أمثلة على التوثيق في صلب التقرير

الأمثلة التالية توضح ذلك:

  • جاءت بعض الاكتشافات العلمية بمحض الصدفة. فالمناعة ضد المرض والأشعة السينية والبنسلين تم اكتشافها دون أن تكون هذه الاكتشافات نفسها هدفًا لأبحاث العلماء (Beveridge, 1963). (حالة مرجع واحد).
  • وفي دراسة حول ظاهرة تغيير التخصص تبين أن (خليلي وصباريني وملكاوي 1986). (مرجع لأكثر من مؤلفين).
  • وفي دراسة مماثلة أجراها ترند (1983) على طلبة … (ورد اسم المؤلف في السياق اللغوي).
  • وفي دراسة حول ظاهرة تغيير التخصص تبين أن (خليلي ورفقاه، 1986). (مرجع لأكثر من مؤلفين يذكر للمرة الثانية).

2. التوثيق في قائمة المراجع

تتضمن قائمة المراجع في نهاية تقرير البحث أو الدراسة جميع المراجع التي تمت الإشارة إليها فعلا في صلب التقرير. ويشترط في هذه المراجع أن تكون منشورة، ويمكن الحصول عليها. ويجب أن تكون قائمة المراجع مرتبة أبجديًا حسب الحرف الأول لاسم المؤلف وتسرد المراجع العربية في قائمة واحدة والمراجع الأجنبية في قائمة أخرى.

عناصر التوثيق في قائمة المراجع أربعة هي:

  1. اسم المؤلف: ويعتمد الاسم الأول أو الاسم الأخير (اسم الشهرة) في حالة المؤلفين بالعربية فالأسماء المشهورة مثل ابن خلدون، الغزالي، .. إلخ.
  2. سنة النشر: وتوضع بين قوسين بعد اسم المؤلف مباشرة. وينسجم هذا الترتيب مع عملية التوثيق في صلب التقرير.
  3. عنوان المرجع: عنوان الكتاب لمؤلف معين، أو عنوان الفصل في كتاب محرر من قبل مؤلف آخر، أو عنوان البحث أو المقالة المنشورة في دورية.
  4. معلومات النشر: بلد النشر، الطبعة، أية معلومات تخص عملية النشر.

أمثلة على التوثيق في قائمة المراجع

  • كتاب بالعربية لمؤلف واحد

عودة، أحمد سليمان. (1985). القياس والتقويم في العملية التربوية، إربد: دار الأمل للنشر.

  • دورية باللغة العربية

الخليلي، خليل وصباريني، محمد وملكاوي، فتحي. (1986). ظاهرة تغيير التخصص في جامعة اليرموك: دوافعها وانعكاساتها. أبحاث اليرموك، العلوم الإنسانية والاجتماعية، 2(2)، 143-166.

  • كتاب بالإنجليزية لمؤلف واحد

Best, John W. (1977). Research in education. Englewood Cliffs: Prentice – Hall, Inc.

الاقتباس في تقرير البحث

قد يرغب الباحث في الاستفادة من فكرة وردت عند غيره، ويرى أن يقتبسها بنصها. وتعتمد طريقة تضمينها في متن البحث أو الدراسة على طول النص المقتبس. فإذا كان طول النص المقتبس أقل من خمسة أسطر، فإنه يكتب كسائر النص اللغوي للباحث، ولكنه يميز بأقواس صغيرة مقلوبة عند بدايته وعند نهايته.

مثال على الاقتباس القصير

وقد استخلص جاردنر (Gardener, 1987) من دراسته التي أجراها حول اتجاهات طلبة المدارس الثانوية نحو العلوم أن: “الإحصائيات الخاصة بتحليل فقرات مقاييس الاتجاهات وبيانات الاتساق الداخلي لها، لا تكفي لتحديد ما إذا كان المقياس وحيد الاتجاه، ولا بد من استعمال التحليل العاملي لهذا الغرض”، ص 246.

أما إذا كان طول النص المقتبس خمسة أسطر فأكثر فلا بد من تمييز هذا النص بعدة أمور هي:

  • يكتب النص المقتبس بخط أصغر من خط النص العادي.
  • تتأخر بداية أسطر النص المقتبس بمسافة أكبر من النص العادي.
  • لا تستخدم الأقواس المقلوبة.

مثال على الاقتباس الطويل

ومع هذا التخلف الثقافي، فليس من المستغرب أن تختار الطالبات الإجابة “لا أدري”، وخاصة على فقرات العلوم الطبيعية، إلا أن هناك عوامل نفسية إضافية ربما تؤثر. فعدم رغبة الإناث بالمخاطرة قد تقودهن لتجنب إعطاء إجابة محددة أو عدم إعطاء إجابة له حسنة، هي تجنب كون الطالبة مثيبة أو مخطئة. وكون الطالبة مثيبة ينسجم مع كونها ذكية، وهو موقف ربما تتجنبه الإناث أحيانًا، لأنه يتناقض مع أهداف العلاقات الاجتماعية. وكونها مخطئة ليس هو الخيار الأفضل، لأنه يتناقض مع عملية التفاعل الاجتماعي المدرسي. ولذلك فإن “لا أدري”، توفر بديلا عن هذين الخيارين.

مثال على الاقتباس عند كتابة تقرير البحث أو الدراسة (أكثر من 5 أسطر)

استخدام الحاشية في تقرير البحث

يستشهد الباحث أحيانًا بآراء بعض الشخصيات التي تُطرح على الملأ في بعض المناسبات، أو بوجهات النظر التي يحصل عليها الباحث من خلال الاتصال الشخصي بأصحابها، أو بقرارات وردت في محاضر جلسات رسمية.

وقد يشير الباحث أحيانًا إلى مرجع تحت الإعداد ولم ينته مؤلفه من إعداده. وفي مثل هذه الحالات يمكن للباحث أن يشير إلى هذه المراجع في حاشية خاصة آخر الصفحة التي ورد فيها الاستشهاد.

وتستخدم الحاشية أيضًا لأغراض أخرى غير التوثيق، والحالات التالية هي أمثلة على ذلك:

  • شكر وتقدير للجهة التي قدمت دعمًا أو مساعدة في إعداد البحث. ويظهر ذلك في حاشية الصفحة الأولى من تقرير البحث.
  • عنوان الباحث أو المؤسسة التي ينتمي إليها. ويظهر ذلك أيضًا في حاشية الصفحة الأولى من تقرير البحث أو الدراسة.
  • توضيح لغوي إضافي لبعض المفردات أو معانيها في لغة أخرى.
  • شرح موجز لبعض المصطلحات أو المعادلة الرياضية لحساب بعض القيم.
  • إشارة إلى مصدر أو كائن آخر، لمزيد من التفصيلات في نفس تقرير البحث أو في غيره.

ونظرًا لأن الجداول تنظم البيانات الكمية بطريقة محددة، فإنه يلزم أحيانًا توضيح بعض محتوياتها في حاشية خاصة تحت الجدول. وتخدم حاشية الجدول في ثلاث أغراض هي:

  1. توضيح عام حول بيانات الجدول لتحديدها أو تعميمها أو تفسير ظهورها بشكل غير متوقع.
  2. إشارة جزئية لبعض محتويات الجدول لمزيد من التوضيح أو التمييز والتحديد.
  3. مستوى الدلالة الإحصائية لنتائج اختبار الفرضيات.

وتُفصل الحاشية عن بقية الصفحة بخط أفقي متصل. ويميز المكان الذي يلزم في التوثيق أو التوضيح أو الإضافة في الحاشية بنجمة في نهاية الجملة في سياق النص، وذلك على الزاوية العليا اليسرى من الكلمة مباشرة، كما يتم رسم النجمة قبل محتوى الحاشية. وإذا كان في الصفحة الواحدة حاشيتان فيمكن تمييز الأولى بنجمة والثانية بنجمتين. أما إذا لزم استعمال ثلاث هوامش أو أكثر فيفضل استعمال أرقام صغيرة 3.2.1 بدلا من النجمة.

مثال على استخدام الحاشية

وفيما يلي عرض لوجهة نظر محددة حول التغيرات الكبرى التي حدثت خلال العقدين الماضيين في مجال دراسة العقل البشري، تلك التغيرات التي تمت دراستها بواسطة الحاسب الإليكتروني على وجه الخصوص*

…………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………

* هناك وجهة نظر مختلفة نوعًا ما قدمها اتحاد العلوم السلوكية والنفسية والمعرفية يمكن أن يرجع إليها في (Linn, 1986).

عناصر تقرير البحث

تتطلب الدوريات التي تنشر تقارير البحوث شروطًا معينة في التقرير تختلف عن دورية أخرى. كما تتطلب كل جامعة شروطًا خاصة بها، يجب أن تتوفر في الرسائل الجامعية. وتتعلق هذه الشروط عادة بعدد صفحات البحث وطريقة طباعته وترتيب عناصره. وتحدد معظم الدوريات عدد صفحات البحث في مدى يتراوح من 5 إلى 40 صفحة مطبوعة بحيث يتضمن البحث أو الدراسة العناصر التالية:

  1. عنوان البحث
  2. ملخص البحث
  3. مقدمة وتتضمن الخلفية والأهمية
  4. الطريقة وإجراءات البحث
  5. النتائج
  6. المناقشة والتوصيات
  7. قائمة المراجع
  8. الملاحق إن وجدت

أما تقارير البحوث التي تُعد لنيل درجة الماجستير أو الدكتوراه فيحدد فيها غالبًا عدد الفصول وأسماؤها وتكون الرسائل في هذه الحالة أطول في عدد صفحاتها، وتبلغ عدد صفحاتها بين 100 و600 صفحة بمتوسط مقداره 200 صفحة.

وترد عناصر الرسائل الجامعية في الغالب بالترتيب التالي:

  • الصفحات التمهيدية: وتشمل صفحة العنوان واسم المؤلف وسنة إعداد البحث. ثم صفحة الإهداء (إن وُجدت) ثم صفحة الشكر والتقدير، ثم قائمة محتويات الرسالة، ثم قائمة الجداول ثم قائمة الأشكال البيانية ثم قائمة الملاحق.
  • الخلاصة: وتتحدد عادة بعدد معين من الكلمات يختلف من جامعة إلى أخرى من 350 إلى 600. وتشترط بعض الجامعات إعداد الخلاصة باللغتين العربية والإنجليزية.
  • فصول الدراسة: وتتراوح بين 4 و6 فصول وأكثرها يتضمن خمسة فصول هي:
    1. خلفية الدراسة وأهميتها
    2. مسح الدراسات السابقة
    3. طريقة وإجراءات البحث أو الدراسة
    4. نتائج الدراسة
    5. مناقشة النتائج
  • قائمة المراجع: وتكتب المراجع العربية في قائمة واحدة، والمراجع الأجنبية في قائمة أخرى.
  • الملاحق إن وجدت.

قائمة المراجع

المراجع العربية

  • السالم، فيصل وفرح، توفيق (1979). مقدمة في طرق البحث في العلوم الاجتماعية. لوس أنجلوس والكويت: مجموعة أبحاث الشرق الأوسط.
  • جابر، عبد الحميد، وكاظم، أحمد (1978). مناهج البحث التربية وعلم النفس. القاهرة : دار النهضة العربية.
  • بدر، أحمد، (1975). أصول البحث العلمي ومناهجه، طبعة ثانية. الكويت: وكالة المطبوعات.
  • بركات، محمد خليفة، (1973). مناهج البحث العلمي في التربية وعلم النفس الكويت: دار القلم.
  • عودة، أحمد و ملكاوي، فتحي. (1987). أساسيات البحث العلمي في العلوم التربوية – الأردن: المنار.
  • عاقل، فاخر : (1979). أسس البحث العلمي في العلوم السلوكية بيروت: دار العلم للملايين.
  • عبيد، مصطفى، (2003)، مهارة البحث العلمي، الطبعة الأولى، فلسطين، دار المنارة.

المراجع الأجنبية

  • David Freedman, Robert Pisany, Roger Purves. (1980). Statistics, USA
  • R. Lyman Ott, (1992), An Introduction to Statistical Methods and Data Analysis. Fourth Edition. Duxbury Press, California, USA
تقرير البحث العلمي - تعريفه وعناصره وطريقة كتابة تقرير البحث
تقرير البحث العلمي – تعريفه وعناصره وطريقة كتابة تقرير البحث
error:
Scroll to Top