الملخص
تعريف الشرط المانع من التصرف – وشرح شروط صحة المنع من التصرف بحسب ما أورده المشرع في القانون المصري – حالات بطلان شرط المنع من التصرف.
المحتويات
تعريف الشرط المانع من التصرف
يعتبر الشرط المانع من التصرف أحد القيود الإرادية التي تحدد سلطات المالك.
ومن أمثلته الاتفاق مثلا على حرمان المالك من التصرف في ملكه.
وعادة ما يرد هذا الشرط في العقود الناقلة للملكية، كاشتراط البائع على المشتري ألاّ يبيع أو يهب ما اشتراه مثلا.
والأصل في القانون هو تحريم شرط المنع من التصرف.
فالتصرف من أهم سلطات حق الملكية وبدونه لا يكون المالك عمليًا مالكًا، وإن كان كذلك قانونًا.
كما أن منع تداول الأموال يترتب عليه آصار خطيرة من منظور الاقتصاد والناحية الاقتصادية، الأمر الذي يضر بالمجتمع بوجه عام.
ولكن القانون المصري أجاز – على سبيل الاستثناء – صحة المنع من التصرف إذا توافرت فيه شروط معينة.
شروط صحة الشرط المانع من التصرف
وضع المشرع عدة شروط حتى يُعتبر المنع من التصرف صحيحًا، وهي كما يلي:
- أن يرد المنع في عقد أو وصية
- أن يقوم على باعث مشروع
- وأن يكون المنع لمدة محدودة
وفيما يلي شرحًا مفصلا لهذه الشروط الثلاثة:
الشرط الأول: أن يرد المنع في عقد أو وصية
وقد عبر المشرع عن هذا الشرط بالنص الصريح في القانون المصري.
فالنص يفترض إذن أن شرط المنع من التصرف قد ورد في عقد أو وصية.
ويستوي أن يكون العقد معاوضة أم تبرعًا.
والغالب في الواقع العملي هو ورود شرط المنع من التصرف في عقود التبرع (عقد الهبة – أو عقد الوصية)، حيث يكون المتبرع في مركز يسمح له، في الحدود التي أقرها القانون، بفرض شرط المنع عن الموهوب له أو الموصي له. وليس هناك ما يمنع قانونًا من أن يرد شرط المنع من التصرف في عقد معاوضة كالبيع والمقايضة مثلا.
لكن هذا يحدث قليلا في الواقع العملي.
كما يستوي أن يكون محل التصرف الوارد فيه شرط المنع عقارًا أو منقولا، ويترتب على ذلك أنه لا يجوز لمالك العقار أو المنقول أن يقرر بإرادته المنفردة، دون عقد أو وصية، عدم جواز تصرفه في هذا العقار أو المنقول. ويرجع ذلك إلى أن المنع يفترض وجود مًشترِط ومًشترَط عليه (شخصين). في حين أننا في هذا المثال بصدد شخص واحد هو المًشترط والمًشترَط عليه في ذات الوقت. كما أنه ليس هناك وعد أو وصية بل مجرد إلزام الشخص لنفسه بعدم التصرف. وأخيرًا فإن القول بجواز هذا المنع يؤدي إلى الإضرار بدائني من ألزم نفسه بعدم التصرف، لأن المنع يترتب عليه عدم جواز الحجز على المال محل المنع من التصرف.
والواقع أن هذا الشرط يُثير التساؤل من أكثر من ناحية:
- هل يبطل الشرط إذا ورد في تصرف انفرادي آخر خلاف الوصية؟
- هل لا يرد الشرط المانع من التصرف إلاّ في تصرف ناقل لحق عيني؟
- وهل يشترط أن يرد شرط المنع في العقد الأصلي؟
وفيما يلي تفاصيل هذه التساؤلات والإجابة عليها:
1. هل يبطل الشرط إذا ورد في تصرف انفرادي آخر خلاف الوصية؟
هل يبطل الشرط إذا ورد في تصرف انفرادي آخر خلاف الوصية؟
أو بمعنى آخر، هل أورد المشرع المصري لفظ الوصية عندما نص صراحة على وجوب أن يرد شرط المنع في عقد أو وصية على سبيل الحصر أو على سبيل المثال.
أي هل ذكرها باعتبارها التطبيق الوحيد للتصرف الانفرادي أم باعتبارها مجرد مثال؟
مثلا، لو أن وعدًا بجائزة وُجه إلى الجمهور وكانت الجائزة سيارة مثلا، واشترط الواعد في وعده على الفائز بالجائزة عدم التصرف فيها مدة معينة. فهل يكون هذا الشرط جائزًا أم نه يبطل لوروده في تصرف انفرادي غير الوصية؟
ذهب البعض إلى أن ذكر المشرع المصري للوصية ليس إلاّ مثالا للتصرف الانفرادي وأنها ليست صورته الوحيدة التي يجوز أن تتضمن شرطًا مانعًا. ومن ثم ليس هناك ما يمنع – حسب رأيهم – من القول بصحة الشرط المانع في المثال السابق. خصوصًا أنه لا يًشترط أن يكون التصرف الانفرادي كالوصية تمامًا كما هو الحال في العقد حيث يجوز أن يكون معاوضة.
وبالرغم من وجاهة هذا الرأي ومنطقية الحجج التي يستند إليها، إلاّ أنه يجب ملاحظة أنه إجازة الشرط المانع من التصرف قد جاء على سبيل الاستثناء وبشروط محددة من الأصل العام، والاستثناء كما هو معلوم لا يجوز القياس عليه أو التوسع في تفسيره، بل يجب تطبيق الاستثناء في حدود الضرورة التي دعت إليه.
لذا يرى الفقه الراجع أن الشرط المانع من التصرف لا يجوز أن يرد إلاّ في عقد (أيًا كانت صورته) أو وصية.
ويترتب على ذلك بطلان الشرط المانع من التصرف إذا ورد في تصرف انفرادي آخر خلاف الوصية.
2. هل لا يرد الشرط المانع من التصرف إلاّ في تصرف ناقل لحق عيني؟
لا خلاف على صحة الشرط المانع من التصرف إذا ورد في تصرف ناقل للمكلية أو للحق العيني كالبيع أو الهبة أو الوصية.
هذا مع توافر الشروط الأخرى التي يتم شرحها الآن.
لكن هل يجوز أن يرد الشرط المانع من التصرف في تصرف منشئ للالتزام؟
ومثال ذلك كما لو تعهد شخص لآخر بترتيب إيراد مرتب مدى حياته بشرط عدم جواز التصرف في هذا الإيراد.
الواقع أن النص القانوني يوحي بعدم جواز مثل هذا الشرط، فالنص يتكلم عن المتصرف والمتصرف إليه، الأمر الذي يفترض وجود تصرف ناقل للملكية وليس مجرد تصرف منشئ للالتزام، وهو ما يقول به بعض الفقه بالفعل.
لكن غالبية الفقه يذهب إلى أن الغالب أن يكون الشرط المانع من التصرف واردًا في عقد ناقل للملكية أو منشئ لحق عيني أصلي، لكنه قد يرد أيضًا في تصرف مُنشئ للالتزام ويكون أيضًا صحيحًا، أي كما لو تعهد شخص لآخر بترتيب إيراد مرتب مدى حياته بشرط عدم جواز التصرف في هذا الإيراد. ويُناقش الفقه هذه المسألة في ضوء المصلحة المشروعة للمشترط، المتعهد بالإيراد المرتب مدى الحياة، فيقرر أن هذا المتعهد له مصلحة في توفير أسباب معيشة ملائمة للمستفيد طوال حياته، وله مصلحة جدية في انتفاء كثير من المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها إذا لم يشترط المنع من التصرف. فالموعود له يستطيع أن يتصرف في الشيء الموعود به الأمر الذي قد يعرضه إلى فقد الشيء محل الوعد إذا لم يستطع إثبات سوء نية المتصرف إليه.
رأي الفقه المُعاصر
ويعتقد الفقه المعاصر (المؤلفان الأستاذ محمد لبيب والأستاذ محمد زهرة) أن الأمر يجب أن يُنظر إليه من رؤية أخرى.
فالمشكلة ليست في مدى توافر مصلحة جدية للمتعهد أو للموعود له، وإنما في طبيعة العقد الذي تضمن الشرط المانع.
وذلك لأنه يجب توافر المصلحة الجدية في الشرط المانع من التصرف حتى في التصرفات الناقلة للملكية.
والواقع أن نص المشرع جاء عامًا عندما تكلم عن العقد ولم يقيده بكونه ناقلا للحق.
لكن المشرع عاد وتكلم عن المتصرف والمتصرف إليه بما قد يفيد أن استعمال هذه الألفاظ ليس مقصودًا منها قصر نطاق الشرط المانع على دائرة التصرفات الناقلة للحق فقط، ولا يعدو أن يكون الأمر عدم دقة المشرع في اختيار الألفاظ.
والأدق أن يستعمل المشرع لفظ “المشترط” و”الممنوع من التصرف” بدلا من “المتصرف” و”المتصرف إليه” على الترتيب. ولا يجب من ثم أن يترتب على عدم الدقة حكمًا معينًا. فإنه يترتب على ذلك أنه ليس هناك ما يمنع حسب الرأي الراجح من أن يرد شرط المنع من التصرف في عقد مُنشئ للالتزام كما في حالة الموعود له في عقد الوعد، والمتعهد في عقد إيراد مرتب مدى الحياة، على فرض توافر الشروط الأخرى من حيث المصلحة الجدية والمدة المعقولة.
3. هل يشترط أن يرد شرط المنع في العقد الأصلي؟
يُعتبر الشرط المانع من التصرف شرطًا تابعًا للاتفاق الأصلي الذي يرد فيه.
إذ ليس من المتصور أن يرد لذاته ومستقلا عن تصرف ناقل لحق عيني أو مُنشئًا لالتزام.
لكن هل يُشترط أن يرد في التصرف ذاته أم يمكن أن يكون لاحقًا في صورة اتفاق مستقل يلحق بالتصرف الأصلي الناقل للحق أو المُنشئ للالتزام؟
الفرض هنا أن التصرف الناقل للحق أو المُنشئ للالتزام قد تم بالفعل قد تم بالفعل وانتقل الحق إلى المتصرف إليه كاملا ومخولا إياه سلطة التصرف كاملة غير منقوصة. ثم يوافق المتصرف إليه بعد ذلك على تقييد سلطته في التصرف بمقتضى اتفاق لاحق ويلحق بالعقد الأصلي باعتباره جزءًا لا يتجزأ منه. والواقع أن تنظيم المشرع للشرط المانع من التصرف يفترض أن هذا الشرط يرد في العقد الناقل للحق ذاته، باعتباره أحد بنوده، وهو ما يعني أن المشرع لا يتصور الشرط المانع إلاّ ضمن العقد الناقل للحق أو المُنشئ للالتزام. هذا فضلا عن أن إجازة هذه الصورة أمام المالك الحالي للإضرار بدائنيه عن طريق الاتفاق مع سلفه من جديد على تقييد سلطته في التصرف ليصل بذلك إلى إخراج المال من الضمان العام للدائنين أو لمنع جواز الحجز عليه.
رأي الفقه المُعاصر
يرى الفقه المعاصر (المؤلفان الأستاذ محمد لبيب والأستاذ محمد زهرة) أن النصوص القانونية تفترض بالفعل أن الشرط المانع من التصرف يرد ضمن العقد الناقل للحق أو المُنشئ للالتزام، أي أنه ينشأ معاصرًا لنشأة العقد ذاته بحسبانه أحد بنوده، أما النشأة اللاحقة على العقد فتلك صورة لم يتوقعها المشرع، وإن كان يعتقد بأنه ليس هناك ما يمنع من إجازته، إذ قد يرى الطرفان لسبب أو لآخر تدارك الأمر بعد انعقاد العقد الناقل للحق والاتفاق على الشرط المانع في اتفاق يلحق بالعقد الأصلي باعتباره جزءًا لا يتجزأ منه.
وهي صورة لا تتعارض مع أحكام الشرط المانع حتى لو لم يتوقعها المشرع.
أما الخوف من تلاعب المالك الجديد إضرارًا بالدائنين بالاتفاق مع المتصرف على تقييد سلطته توصلا لإخراج المال من الضمان العام للدائنين، فيمكن محاربته عن طريق الطعن في الشرط المانع من التصرف بالدعوى البوليصية إذا توافرت شروطها، فيتوصل الدائن من خلال هذه الدعوى إلى عدم نفاذ الشرط المانع في مواجهته، ومن ثم عدم خروج المال من الضمان العام له.
الشرط الثاني: أن يقوم المنع على باعث مشروع
الواقع أن هذا الشرط هو الذي يبرر إجازة المنع من التصرف خروجًا على الأصل.
فوجود مصلحة أو منفعة جدية هي التي تبرر إذن الضرر اليسير الذي قد يلحق بالممنوع من التصرف.
وقد اكتفى المشرع بضرورة أن يكون الباعث مشروعًا سواء كان ماديًا أو أدبيًا.
فالمهم أن تكون مبررات المنع (أو الباعث) جدية تبرر الخروج على الأصل وليست تافهة، أيًا كان نوعها.
ويُترك تقدير أمر هذه المصلحة لقاضي الموضوع.
فمشروعية المصلحة معيار مرن يمكّن القاضي بما له من سلطة تقديرية واسعة من الإحاطة بكافة ظروف وملابسات كل حالة على حدة بحيث يقدر مشروعية المنع، وإذ كانت المصلحة المراد حمايتها بمقتضى الشرط المانع جدية بالمعنى السابق، فإنه يستوي بعد ذلك أن تكون المصلحة للمشترط أو للممنوع من التصرف (المًشترط عليه)، أو حتى للغير.
كما يستوي أن تكون مصلحة مادية أو أدبية.
مثال المصلحة المشروعة للمُشترط
أن يشترط المالك الذي خول آخر حق حكر على أرض عدم التصرف فيهذا الحق طوال مدته (60 سنة حد أقصى) لتظل علاقة المالك طوال مدة المساطحة بصاحب المساطحة، وحتى لا تنتقل المساطحة لآخر لا يرتاح له في المعاملة، أو أن يهب مالك قطعة أرض لآخر لقاء مرتب دوري له مدى حياته فيشترط على الموهوب له عدم التصرف في العقار طوال مدة الإيراد المرتب.
مثال مصلحة الممنوع من التصرف
أن يكون الموهوب له قاصرًا فيخشى الواهب سوء تصرف الموهوب له في الشيء الموهوب، فيشترط عليه عدم التصرف فيه إلى حين بلوغه سن الرشد مثلا، أو أن يشترط المتعهد في إيراد مرتب مدى الحياة على المستفيد لإنفاقه على التعليم فقط حتى يمكنه التخرج من الجامعة مثلا.
أي أنه حدد له أوجه إنفاق المرتب بحيث لا يجوز إنفاقه في غيرها.
مثال مصلحة الغير
أن يوصي شخص لآخر بشيء مقابل دفع إيراد مرتب مدى الحياة مثلا لشخص ثالث، ويشترط عليه عدم التصرف في الشيء الموهوب طوال مدة التزامه بالإيراد تحقيقًا لمصلحة الغير المستفيد من الإيراد، أو أن يبيع شخص لآخر منزلا ويشترط عليه أن يسكنه شخصًا ثالثًا لمدة معينة يمنعه من التصرف في المنزل طوال مدة سكن الغير فيه.
الشرط الثالث: أن يكون المنع لمدة محدودة
لم يشأ المشرع المصري أن يحدد مدة الشرط المانع بمعيار جامد وثابت في كل الأحوال، كوضع حد أقصى لمدة المنع مثلا، وإنما تبنى معيارًا مرنًا، وهو أن يكون المنع لمدة معقولة، ومن ثم لا يجوز أن يكون المنع مؤبدًا أو لمدة طويلة تتجاوز الغرض منها، لأن المنع يجرد في هذه الحالة الملكية من جوهرها، فلا يجوز حبس المال عن التداول. ويتولى قاضي الموضوع في كل حالة على حدة تقدير ما إذا كانت المدة مؤقتة فيكون الشرط صحيحًا، أو في حكم المؤبد فيكون الشرط باطلا.
ومرونة المعيار تسمح للقاضي بأن يأخذ في حسبانه كافة الظروف والملابسات الخاصة بكل حالة.
وما يُعتبر مدة معتدلة في حالة قد لا يُعتبر كذلك في حالة أخرى، تبعًا للمصلحة الجدية المطلوب حمايتها.
فطول مدة الإيراد المرتب مثلا تقتضي طول مدة المنع بما يتناسب مع مدة الإيراد.
فإذا تجاوزها فإن المدة تكون حينئذِ غير معقولة، ومن ثم يكون المنع في حكم المؤبد.
كذلك فإن منع القاصر من التصرف إلى حين بلوغه سن الرشد يقتضي اختلاف مدة المنع بحسب عمر القاصر وقت المنع، فإذا كان عمره 15 سنة فإن المنع يجب أن يكون في حدود 6 سنوات، فإن تجاوزت مدته 6 سنوات كان المنع غير مؤقت وبالتالي غير معقول.
وقد تقتضي المصلحة المراد حمايتها أن يكون المنع مدى حياة البائع أو حياة الممنوع من التصرف أو حياة الغير.
فقد يقتضي تحقيق هذه المصلحة استغراق حياة أحد الطرفين أو الغير، وقد نص المشرع على ذلك صراحة. فمرونة معيار مدة المنع تسمح للقاضي باعتبار الشرط مؤقتًا رغم استغراق مدته حياة المتصرف إليه مثلا، إذا كانت المصلحة المراد حمايتها تقتضي أن يكون المنع مدى حياة أحد الطرفين، المشترط أو المشترط عليه.
والقاضي هو الذي يتولى تقرير مدى معقولية مدة المنع حسب ظروف وملابسات كل حالة.
الخلاصة
إذا ما توافرت الشروط السابقة كان الشرط المانع من التصرف صحيحًا بين طرفيه، لكن هل يرتب آثاره أيضًا بالنسبة للغير؟
ويجب التفرقة بين ما إذا كان الشيء الممنوع من التصرف فيه عقارًا أو منقولا.
فإن كان المتصرف فيه عقارًا وجب تسجيل شرط المنع حتى يمكن الاحتجاج به في مواجهة الغير.
والغالب عملا أن الشرط المانع يتم تسجيله بتسجيل التصرف الذي ورد فيه إذا كان تصرفًا ناقلا أو منشئًا لحق عيني.
أما إذا كان منقولا، فلا يشترط تسجيل الشرط، ومن ثم يمكن التمسك به في مواجهة الغير، إلاّ إذا كان الغير حسن النية، حيث يمكنه تعطيل أثر الشرط المانع بمقتضى إعمال قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية، إذا توافرت شروطها، إذ يكتسب الحائز للمنقول خاليًا من أي أعباء أو قيود تثقله.
بطلان الشرط المانع من التصرف
إذا لم تتوافر الشروط أو أحدها، والمطلوب توافرها لصحة المنع من التصرف، كان الشرط باطلا.
ولكن هل:
- يبطل الشرط وحده ويبقى التصرف الذي تضمنه صحيحًا؟
- أم يبطل كل من الشرط والعقد معًا؟
يجب في هذا الصدد الرجوع إلى أحكام إنقاص العقد في القانون المدني، والتي تنص على أنه “إذا كان العقد في شق منه باطلا أو قابلا للإبطال فهذا الشق وحده هو الذي يبطل، إلاّ إذا تبين أن العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطلا أو قابلا للإبطال فيبطل العقد كله”. فالأصل إذن هو بطلان الشرط وحده وبقاء العقد صحيحًا ملزمًا لطرفيه ما لم يثبت أحد الطرفين أنه ما كان أن ليوافق على العقد من البداية لو كان يعلم ببطلان شرط عدم التصرف.
والمعيار هنا يتوقف على نية كل طرف في العقد في ضوء السلطة التقديرية لقاضي الموضوع.
وبناء على ذلك إذا كانت تجزئة العقد ممكنة بطل شرط المنع فقط ويبقى التصرف (العقد أو الوصية) صحيحًا.
أما إذا استحالت التجزئة بطل شرط المنع والتصرف جميعًا.
لكن هل يستطيع القاضي تصحيح الشرط المانع من التصرف بدلا من الحكم بالبطلان أو الانتقاص؟
يلاحظ بداية أن هذا التساؤل غير متصور إلاّ بالنسبة لشرط محدودية المدة فقط ومدى معقوليتها.
فقد يرى القاضي مثلا أن مدة المنع مبالغ فيها وتتجاوز المدة المطلوبة لتحقيق الهدف من شرط المنع نفسه.
فهل يستطيع القاضي بدلا من اعتبار الشرط باطلا إنقاص مدة المنع لتكون “معقولة” ومن ثم يبقي الشرط، وبالتالي التصرف الذي تضمنه، صحيحًا؟
من المسلم، دون خلاف، أنه إذا وضع القانون حدًا أقصى للمدة فإنه يجوز للقاضي إذا اتفق الطرفان على تجاوزها أن ينقصها إلى الحد الذي رسمه القانون. مثال ذلك وضع حد أقصى لحق الحكر بمدة (60) سنة، أو جواز الاتفاق على إنشاء ملكية الأسرة لمدة لا تزيد على خمس عشرة سنة. وهكذا فإذا اتفق الطرفان على مدة للحكر تتجاوز ستون سنة كان للقاضي أن ينقص المدة إلى الحد الذي قرره القانون. أما بالنسبة للشرط المانع من التصرف، فقد اكتفى المشرع المصري بالنص على وجوب أن تكون المدة معقولة دون أن يضع لها حدًا أقصى.
كما أن المشرع لم يخول القاضي صراحة سلطة تحديد المدة التي يراها مناسبة للمنع من التصرف حسب ظروف كل حالة على حدة.
ومع ذلك يرى بعض الفقه أنه لا يشترط لاستعمال القاضي لسلطته في تقدير معقولية المدة أن يكون لها حد أدنى أو حد أقصى. والقاضي إذ يقدر معقولية المدة لا يفعل أكثر مما يفعله في مجالات أخرى قد تبدو أكثر صعوبة وأقل انضباطًا، مستهديًا في ذلك بالظروف المحيطة، فهو الذي يقدر سوء النية أو حسنها وهو الذي يقدر مشروعية الباعث أو عدم مشروعيته.
المصدر
كتاب: الحقوق العينية الأصلية – القانون المدني
الأستاذ الدكتور محمد لبيب شنب
- أستاذ القانون المدني
- عميد كلية الحقوق سابقًا
- جامعة عين شمس.
الأستاذ الدكتور محمد زهرة
- أستاذ القانون المدني
- كلية الحقوق جامعة عين شمس
- عميد كلية القانون الإمارات سابقًا