الملخص
التكييف القانوني في القانون الدولي الخاص، المقصود بالتكييف القانوني، صعوبات التكييف القانوني في المنازعات ذات الطابع الدولي، الاتجاه الراجح لتكييف المنازعات ذات الطابع الدولي، نظرية الفقيه الفرنسي بارتان.
المحتويات
المقصود بـ التكييف القانوني
إن التكييف القانوني هو عملية فنية تستهدف تحديد الطبيعة أو الوصف القانوني للمسألة التي تثيرها وقائع المنازعات ذات الطابع الدولي وذلك بهدف وضعها في طائفة معينة من طوائف الروابط والمسائل القانونية التي وضع لها المشرع قاعدة إسناد.
والتكييف مشكلة تواجه القاضي في جميع المنازعات ولكن يوجد فرق بين المنازعات القانونية الوطنية والمنازعات ذات الطابع الدولي.
ففي المنازعات الوطنية يقوم القاضي بإجراء التكييف القانوني بهدف التوصل إلى القاعدة الموضوعية واجبة التطبيق.
أما في المنازعات ذات الطابع الدولي يقوم القاضي بإجراء التكييف القانوني بهدف التوصل إلى قاعدة الإسناد المناسبة التي تتولى تحديد القانون واجب التطبيق في المسألة محل النزاع أو البحث.
صعوبات التكييف القانوني في المنازعات ذات الطابع الدولي
توجد حالات يمكن أن تصعّب عملية التكييف في القانون الدولي الخاص مثل:
الحالة الأولى:
أن الواقعة محل النزاع قد يسري عليها أكثر من تكييف.
ومثال ذلك: واقعة ضرب الزوج لزوجته.
فهذه الواقعة من الممكن أن تُكيف على أنها فعل ضار وفي هذه الحالة تسري قاعدة الإسناد التي تقرر خضوع الفعل الضار لقانون محل وقوع الفعل كما أنه من الممكن تكييف هذه الواقعة على أنها أثر من آثار الزواج وفي هذه الحالة تسري قاعدة الإسناد التي تقرر خضوع آثار الزواج لقانون جنسية الزوج.
الحالة الثانية:
أن الواقعة محل النزاع ترتبط بأكثر من دولة ويختلف التكييف من دولة إلى أخرى.
ومن هنا يثور التساؤل عن تحديد القانون الذي يختص بإجراء التكييف في الواقعة محل النزاع أو البحث.
مما سبق يتضح أهمية مشكلة التكييف القانوني حيث أن هذه العملية ضرورية لإمكانية التوصل إلى قاعدة الإسناد التي تقودنا إلى معرفة القانون واجب التطبيق على الواقعة محل النزاع أو البحث.
وإذا اختلف التكييف سوف يترتب على ذلك اختلاف قاعدة الإسناد.
واختلاف قاعدة الإسناد المطبقة سوف يؤدي إلى اختلاف القانون واجب التطبيق.
وأخيرًا سوف يختلف الحل النهائي للواقعة محل النزاع أو البحث.
الاتجاه الراجح لتكييف المنازعات ذات الطابع الدولي
الاتجاه الراجح في الفقه والقضاء والقانون المقارن هو خضوع التكييف لقانون القاضي المعروض عليه النزاع أو الخلاف.
وهذه هي نظرية الفقيه الفرنسي بارتان.
نظرية بارتان لمعاجلة مشكلة التكييف القانوني
يعتبر الفقيه الفرنسي “بارتان” أول من أتى بنظرية واضحة في معالمها لمعالجة مسألة أو مشكلة التكييف.
ويرى “بارتان” إخضاع التكييف لقانون القاضي على أساس فكرة السيادة التشريعية لدولة القاضي إذ أن قواعد الإسناد إنما هي قواعد وطنية والتكييف القانوني صعوبة تعترض تطبيق هذه القواعد ولذلك من الطبيعي أن تحل هذه الصعوبة وفقًا للقواعد الوطنية، وقواعد الإسناد في الواقع إنما تحدد مجال تطبيق القوانين في إقليم الدولة وهذا أمر يتعلق بسيادة الدولة التشريعية.
الاستثناءات على نظرية بارتان
الاستثناء الأول: تكييف المال
إخراج تكييف المال من الخضوع لقانون القاضي وإخضاعه لقانون موقع المال بهدف تحقيق الاستقرار في المعاملات المالية.
الاستثناء الثاني: تكييف العقود
إخراج تكييف العقود من الخضوع لقانون القاضي وإخضاعه لقانون الإرادة. وذلك على أساس تمتع الأفراد بالحرية في اختيار القانون الذي يحكم العقد وبالتالي يكون لهم من باب أولى اختيار القانون الذي يتولى مهمة تكييف العقد.
الاستثناء الثالث: التكييف اللاحق على معرفة قاعدة الإسناد
إخراج التكييف اللاحق من الخضوع لقانون القاضي وإخضاعه للقانون واجب التطبيق. حيث يرى “بارتان” أن التكييف الذي يخضع لقانون القاضي هو التكييف الأولي السابق لمعرفة قاعدة الإسناد، وإذا ما تم التوصل إلى معرفة قاعدة الإسناد والقانون واجب التطبيق على المسألة محل البحث فإن أي تكييف يحتاج إليه القاضي لتسوية النزاع يتعين الرجوع في شأنه إلى القانون واجب التطبيق.
المصدر
- كتب: تنازع القوانين والاختصاص القضائي الدولي، الدكتور: أبو العلا نمر، رئيس قسم القانون الدولي الخاص، كلية الحقوق، جامعة عين شمس.