المحتويات
نشأة وتطور إعادة التأمين
ظهر التأمين التجاري أول ما ظهر عندما قامت مشروعات التأمين التجارية بقبول الأخطار التي تتناسب ومقدرتها المالية والأسس الفنية التي تضعها لنفسها لقبول هذه الأخطار. وقد جرى العرف آنذاك على أن تهتم الهيئة باختيار وقبول الأخطار من حيث حجم الخطر ونوعه وطبيعته. وعلى هذه الصورة من صور التعامل في التأمين التجاري لم تنشأ أية مشاكل تستدعي التفكير في إعادة التأمين.
هذا من ناحية التأمين التجاري. أما من ناحية التأمين التبادلي والهيئات التي تمارسه فإنها تنشأ عادة على أساس قبول الأخطار التي تقرر المجموعة المكونة لها على التعامل فيها وتحمل نتائجها. ولذلك لم تنشأ أية مشا كل تستدعي التفكير في إعادة التأمين مع ظهور هيئات التأمين التبادلي.
ظهور اللويدز
اعتاد أفراد اللويدز منذ نشأتهم على الاكتتاب في الأخطار كل في حدود مقدرتهم الفنية والمالية. وقد ساعدهم على ذلك نوع وثيقة التأمين آنذاك التي كانت تسمح لأكثر من مؤمن أن يكتتب في أي جزء من أجزاء الخطر المذكور في الوثيقة – وخاصة وثيقة تأمين السفينة – ويقوم بتحديد نصيبه كنسبة مئوية من قيمة موضوع التأمين، أو كمبلغ معين منه. وقد ساعد هذا كل مكتتب على اختيار حدود طاقته من التأمين ونوعه.
وعندما أصبحت الوثيقة الواحدة غير عملية، واستدعى الأمر وجود السمسار البحري، ظهرت أهمية بطاقة الخطر التي استعملت في جمع اكتتاب أعضاء اللويدز لتأمين موضوع الخطر. وقد سهل هذا على استمرار كل مكتتب على الاكتتاب في أجزاء محدودة من الأخطار المعروضة بالسوق في حدود مقدرته الفنية والمالية.
وقد ساعدت طريقة الاكتتاب هذه مكتتب التأمين البحري عضو اللويدز في أن يختار لنفسه وحدات من الخطر تناسب ومقدرته المالية والفنية. وساعدته أيضًا على أن يقلل ما أمكن من حجم هذه الوحدات، في نفس الوقت الذي يمكنه أن يزيد من عددها. فأصبحت ظاهرة انتشار الخطر مع عدم تركزه واضحة. هذا إلى جانب وجود أعداد كبيرة من الأخطار يمكنه دائمًا الحصول عليها لندرة المؤمنين الموثوق بهم في جميع أنحاء العالم. وبذلك تضافرت الظروف في تجميع وتطبيق المبادئ الفنية الواجب توافرها في عملية التأمين لكي تنتحي بالمؤمن ناحية الأمان، وتبعد عن عمليات اكتتابه صفة المقامرة أو المغامرة.
وهكذا أصبحت العملية التأمينية المتعلقة باكتتاب أعضاء اللويدز في التأمين تسير سيرًا عمليًا سليمًا وفي غير حاجة إلى إعادة التأمين. وقد دعا هذا النجاح إلى تأجيل ظهور إعادة التأمين مرة أخرى ولحقبة أخرى.
ظهور الشركات المساهمة
ظهرت شركات التأمين المساهمة في إنجلترا بعد حرب شعواء بين مؤيديها وأعضاء اللويدز. ونجح مؤيدوها في تكوينها مما ترتب عليه – ولأول مرة في تاريخ التأمين البحري بالذات – ممارسة الاكتتاب الكلي. فأخذت شركات التأمين المساهمة تؤمن السفن والشحنات ولا تقتصر على الاكتتاب في تأمينها كما كانت عادة أعضاء اللويدز بلندن. وقد أثار هذا ثائرة الأخيرين كطرف من طرفي المنافسة على الحصول على أحسن وحدات الخطر. وترتب على ذلك أن اضطر أعضاء اللويدز أنفسهم – وبغرض مقابلة التحدي – إلى تكوين اتحادات Syndicates منهم لإمكان ممارسة الاكتتاب الكلي. وقد عالج بعض الأعضاء – ذوي المكانة المالية المرموقة – الأمر عن طريق تجميع ثروات ضخمة وإيداع تأمينات كافية لدى الهيئة تمكنهم من القيام بمفردهم بممارسة عملية الاكتتاب الكلي.
وقد ترتب على ممارسة عمليات الاكتتاب الكلي أن فقدت التأمينات المتجمعة لدى المؤمّنين – سواء كانوا شركات مساهمة أو اتحادات اللويدز أو أعضاء اللويدز – شروطًا فنية مهمة. فظهر تركيز عمليات الاكتتاب في وحدات كبيرة كسفينة بأكملها أو شحنة السفينة أو كليهما معًا. وقد ترتب على هذا التركيز المالي وكبر وحدة الخطر بالنسبة للوثيقة تركيز آخر جغرافي أو مكاني. وقد ترتب على هذا وذاك عدم إمكان المؤمن الاكتتاب في عدد كبير من التأمينات يسمح له بممارسته والاعتماد على قانون الأعداد الكبيرة ونظرية الاحتمالات. ويكفي هذا أو بعضه لهدم عملية التأمين وتحويلها إلى مقامرة بحتة تعتمد على الصدف.
إعادة التأمين تحل المشكلة
إعادة التأمين هو نظام بمقتضاه يتمكن المكتتب من التنازل عن جزء أو كل التأمينات إلى مكتتب آخر، طبقًا لاتفاق سابق أو بحسب اتفاق فوري. ويطلق على عملية الاكتتاب الأول التأمين المباشر، ويطلق على الثاني إعادة التأمين. وبهذا يتمكن أي مكتتب من تأمين الأخطار المقدمة له أو التي يمكنه الحصول عليها بالكامل أو بأي مقدار. وبالرغم من الاكتتاب الكبير هذا فإنه يضمن سلامة العملية التأمينية من الناحية الفنية من جهة، ويكون على يقين – كما يكون المستأمن نفسه – من مقدرة النظام التأميني المتشابك من دفع التعويض الملزم به إذا تحقق خطر مؤمن وترتب عليه خسارة کبيرة.
وازدادت أهمية إعادة التأمين في جميع أنحاء العالم. وظهرت شركات التأمين المساهمة ذات رؤوس الأموال الضخمة متخصصة في عمليات الاكتتاب الكبيرة الكاملة من حجم معين، غير عابئة بالاكتتاب الصغير الذي يكلف مصروفات كبيرة. وظهرت الشركات المساهمة الكبيرة المتخصصة في إعادة التأمين لتعاون شركات التأمين المساهمة وأفراد اللويدز وهيئات التأمين التبادلية في حل مشكلة التركيز التي تقابلهم عندما يكتتبون في العمليات الكبيرة.
وقد ساعد في نجاح إعادة التأمين وانتشاره أن المستأمن يميل بطبيعته إلى طلب الاكتتاب الكلي أكثر من طلبه وقبوله للاكتتاب المشترك أو المجزأ. وبذلك سارع طالبوا التأمين إلى إظهار الرغبة في تأمين أخطارهم لدى مؤمن واحد. وقد ساعدت هذه الظاهرة على سرعة تطور ونجاح إعادة التأمين وأقسامه التي نشأت في شركات التأمين المساهمة وشركات إعادة التأمين المساهمة التي أنشئت خصيصًا لهذا الغرض.
وكان من نتيجة كل هذا أن تركت عمليات الاكتتاب في السفن والطائرات والمصانع والشحنات الكبير إلى مؤمنين أصليين قلائل يجيدون عملية الاكتتاب وما تتطلبها من فن ومهارة. بالإضافة إلى العراقة التي تضفي على سمعتهم كثيرًا من الهيبة. أما النواحي الفنية التي تتطلبها العملية التأمينية من توزيع الأخطار بين أكبر عدد ممكن من المؤمنين لتحقيق مبادئ انتشار الخطر وعدم تركيزه ماليًا وتحقيق قانون الأعداد الكبيرة وما إلى ذلك من متطلبات. فقد تركت جميعها لعمليات إعادة التأمين لتعالج ما في التأمين المباشر من عيوب ومشاكل.
حدود المقدرة والاحتفاظ وإعادة التأمين
يُقصد بالمقدرة الإجمالية Gross Capacity في عملية التأمين الحد الأعلى لقيمة التأمين الذي يقرر المكتتب ألا يتعداه في تغطية أي وحدات خطر بوثيقة واحدة، أو تلك التي يجب ألا يتعداه في منطقة جغرافية معينة بالنسبة لجميع الوثائق المصدرة بمعرفته.
ويقصد بالقدرة الصافية في عملية التأمين قيمة التأمين الذي يقرر المكتتب أن يحتفظ به لنفسه في تغطية أي وحدة من وحدات الخطر السابقة أو في تأمينات منطقة جغرافية معينة. وبجانب تسميتها بالمقدرة الصافية Net Capacity، يطلق عليها معظم المؤمّنين حد الاحتفاظ Refined Line أو الحد الصافي Net Line.
ويُقصد بقدرة إعادة التأمين Reinsurance Capacit القيمة التي يقرر المكتتب إعادة تأمينها لدى مكتتبين آخرين من كل وحدة من وحدات الخطر المؤمنة لديه، أو في تأمينات منطقة جغرافية معينة.
وعلى المؤمن أن يبين الحدود الثلاثة السابقة بدقة في سياسته التأمينية قبل ممارستها عمليًا. ويبدأ عادة بتحديد حد الاحتفاظ الذي يعتمد أكثر ما يعتمد على مقدرته المالية من حيث رأس المال والاحتياطيات الرأسمالية الأخرى الموجودة لديه. ويلي ذلك أن يحدد المؤمن حد مقدرته على إعادة التأمين، والتي تعتمد على سمعته في سوق التأمين، والتي تساعده على الارتباط مع المؤمنين الآخرين وشركات إعادة التأمين. وهذه الاتفاقات تحدد بطريقة أو أخرى مقدرة المؤمن على إعادة التأمين بالنسبة لكل عملية يقوم بها. وأخيرًا يحدد المؤمن حد مقدرته الإجمالية في كل عملية عن طريق إضافة الحدين السابقين بعضهما إلى البعض. أي أن المقدرة الإجمالية لا بد وأن تساوي مقدرة المؤمن الاحتفاظية مضافًا إليها مقدرته على إعادة التأمين. والمقدرة الإجمالية هذه تحدد أصلاً حسب مقدرة المؤمن الإنتاجية والإدارية في السوق المحلية.
التعاقد على إعادة التأمين
تتطابق القواعد والمبادئ القانونية والفنية اللازمة لإعادة التأمين المعروفة والخاصة بالتأمين نفسه. ويتم التعاقد في حالة إعادة التأمين بين مكتتب مؤمن ومكتتب مُعاد لديه التأمين Reinsurer بدلاً من المستأمن والمؤمن في عقد التأمين. وعقد إعادة التأمين يطلق عليه هو الآخر Special Reinsurance Contract إلا إذا كان اتفاقًا دائمًا أو لمدة محدودة يضمن للمؤمن تغطية تلقائية من جانب معيد التأمين فإنه يطلق عليه اتفاقية إعادة التأمين أو Reinsurance Treaty.
والاتفاقية إما أن تكون ملزمة للطرفين فيطلق عليها Mandatory Treaty أو تكون غير ملزمة إلا للمكتتب المعاد لديه التأمين فيطلق عليها Facultative Treaty. كما يطلق على المكتتب الأصلي لفظ المتنازل Ceding Underwriter والمكتتب المعاد لديه التأمين لفظ المتنازل له. كذلك يطلق على أخطار إعادة التأمين لفظ التنازل Gession. أما إذا تكررت إعادة التأمين، فيجب أن يبين ترتيبه كان يقال المعاد لديه التأمين الأول أو الثاني وهكذا بخلاف الحال في اللغة الإنجليزية التي تستعيض عن ذلك بالمقطع Re فيرد مثلاً Retroceede, Retrossoir وما إلى ذلك.
شروط إعادة التأمين
يحدث أن يتم التعاقد على إعادة التأمين مطابقًا لجميع الشروط الواردة في عقد التأمين الأصل، وفي هذا سهولة بالنسبة للمؤمن الأصل وللمؤمن المعيد التأمين. وبالرغم من أن مثل هذه السهولة مطلوبة في جميع حالات إعادة التأمين إلا أنه كثيرًا ما يحدث أن تكون شروط التغطية الواردة في عقد إعادة التأمين مختلفة في قليل أو كثير عن مثيلاتها في عقد التأمين الأصلي. يحدث هذا بالنسبة لتغطية أخطار الحرب، أو جميع الأخطار وما شابه ذلك، إذ تصر بعض هيئات إعادة التأمين على عدم شمول تغطيتها في عقود إعادة التأمين حتى ولو كانت مغطاة في العقد الأصلي. وهذا بالطبع يستدعي إعادة تأمين تغطي هذه الأخطار الخاصة بعقود مستقلة.
الشروط في إنجلترا وأمريكا
وقد اعتادت شركات التأمين وإعادة التأمين في معظم بلاد العالم – وخاصة في إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية – على إضافة شرط إعادة التأمين أو Reinsurance Clause لكي يجعل من عقد إعادة التأمين عقد يطابق عقد التأمين الأصلي في جميع شروطه وتغطياته.
فيما يلي ترجمة لأهم ما يرد في هذا الشرط:
- “يلتزم إعادة التأمين بمقتضى هذا الشرط بالأخطار – بما فيها أخطار الحرب والثورات المغطاة بوثيقة التأمين الأصلية – والتقييم، والشروط العادية، بما في ذلك كل ما يحدث من تغيير أو إضافة أو امتداد لها بين المستأمن أو المؤمن الأصلي بدون أي التزام بإبلاغه. كما يلتزم إعادة التأمين بسداد الطالبات عن تعويض الخسائر في نفس الوقت الذي يقوم المؤمن الأعلى بسدادها سواء كانت هناك مسئولية أم لم تكن. كما يلتزم إعادة التأمين بمصاريف المقاضاة والعمل والسفر والمصروفات الأخرى التي يقوم بإنفاقها المؤمن الأصلي والتي يقع إعادة التأمين مسئولا عنها.
- ولا ينطبق ما سبق ذكره على ما يزيد عن مبلغ التأمين المحدد في عقد إعادة التأمين هذا، ولا على ما يزيد على المسئولية المحددة فيه. كذلك لا يضمن العقد أی تجديد للوثائق الأصلية المعقودة لمدة معينة، مالم يتفق عليه كتابة في هذا العقد”.
وهناك من الأجزاء الأخرى التي تضاف إلى هذا الشرط لكي تتناسب وكل نوع من أنواع عقود إعادة التأمين المختلفة. ولكي تحدد مسئولية شركة إعادة التأمين تجاه المؤمن الأصلي في حالة وقوع خسارة أو إنفاق مصروفات أو كليهما ما يجعل من هذا الشرط مجموعة متكاملة من وثائق إعادة التأمين في صورها المختلفة.
أنواع عقود إعادة التأمين
تتم عمليات إعادة التأمين بطرق عدة أكثرها انتشارًا طريقتان يطلق على أحدهما طريقة الاتفاقية، والأخرى الطريقة الاختيارية. وفي السنوات الأخيرة زاد اهتمام سوق إعادة التأمين بطريقة ثالثة هي إعادة التأمين عن طريق النقابات وخاصة بالنسبة للأخطار الكبيرة مثل تأمينات الطيران أو التأمينات البحرية.
ويتم التعاقد على اقتسام الأخطار أو الخسائر الناشئة عن تحققها أو عن كليهما في طرق إعادة التأمين السابق الإشارة إليها بطرق مختلفة. فهناك طريقتي اقتسام الخطر بين الشركة المعيدة للتأمين وتلك المعاد لديها التأمين على أساس الحصص، أو على أساس الخطر الفائض. وهناك طريقتي اقتسام الخسارة المحققة بين الشركتين على أساس الخسارة الزائدة أو على أساس معدلات الخسارة.
وفيما يلي دراسة لبعض وأهم هذه الطرق أو الأساليب المختلفة:
إعادة التأمين الاتفاقية
يلجا المؤمنون إلى طريقة أو أكثر من طرق إعادة التأمين الاتفاقية Reinsurence Treaties رغبة منهم في اتباع سياسة ثابتة في عملية إعادة تأمين الأخطار التي يقبلون التأمين عليها. وبمقتضى هذه الاتفاقيات التي يعقدونها بينهم وبين المعاد لديهم التأمين يصبح الأخيرون مجبرين على قبول عملية إعادة التأمين حسب الشروط الموجودة في التعاقد. ولذلك يطلق عليها البعض الطرق الإجبارية لإعادة التأمين.
ومن مزايا الطرق الاتفاقية هذه أنها تمكن المؤمن الأصلي من إعادة تأمين الأخطار التي يكتتب فيها بمجرد إتمام هذه العملية. وبذلك لا يترتب عليها أي إحراج مالي له. كما تمكن المؤمن من سرعة إنجاز عملية الاكتتاب بدون تردد للبحث عن معيدي التأمين الذين يقبلون إعادة تأمين كل عملية على حدة. وعملية البحث عمن يقبلون إعادة التأمين لديهم يترتب عليها في معظم الأحيان ضياع العملية التأمينية من أيدي المكتتبين الأصليين.
وفيما يلي دراسة لأهم الطرق الاتفاقية التي جرى عليها العرف في التأمين عامة. هذا مع ملاحظة أن معظم المؤمنين يستعملون أكثر من طريقة واحدة في عمليات إعادة التأمين، مختارين الطريقة المثلى التي تتناسب وعمليات التأمين المختلفة التي يتعاملون فيها.
اقتسام الخطر على أساس الحصص
تقتضي طريقة اقتسام الخطر على أساس الحصص أو Quota share يتعهد المؤمن الأصلي أن يتنازل إلى المعاد لديه التأمين عن نسبة محددة في التعاقد من كل خطر يكتتب فيه الأول. ويصير هذا التنازل على أساس نفس سعر التأمين والشروط والاتفاقات التي تم على أساسها التعاقد الأصلي بين المؤمن والمستأمن. وقد جرى العرف على أن يلتزم المؤمن الأصلي بدفع سعر التأمين إلى المعاد لديه التأمين ولكن مخصومًا منه نسبة متفق عليها في التعاقد لتغطية عمولة السماسرة الذين يحصلون على التأمين لمصلحة المؤمن الأصل. ولتغطية مصروفاته الناشئة عن العمليات الإدارية المتعلقة بالخطر موضوع إعادة التأمين. وأخيرًا لتغطية الضرائب والدمغات وما في حكمها والمنفقة بمعرفته عن قسط التأمين المدفوع أصلا له.
وتستعمل هذه الطريقة في إعادة تأمين كل خطر على حدة أو عدة أخطار متجانسة على حدة. وفي بعض الأحيان تعقد على مجموعة أخطار تختص بعمليات محددة، ولكن قليلاً ما تعقد على محفظة التأمين عامة. وفي الحالة الأخيرة جرى العرف على ذكر الأخطار المكتتب فيها حوافظ أو قوائم عن كل عملية ترسل للمعاد لديه التأمين، لكي يكون على بينة من كل خطر يقوم بإعادة التأمين عليه. وعندما يعقد المؤمن الأصلي أكثر من اتفاقية لدى أكثر من معاد لديه تأمين يكون على الأول أن يجهز نسخة طبق الأصل من حوافظ الخطر الخاصة بكل عملية، وبين في نهايتها النسبة المتنازل عنها إلى كل مشترك في إعادة التأمين.
إعادة تأمين الخطر الفائض
بمقتضى طريقة إعادة تأمين الخطر الفائض أو Excess – of – line يتعهد المؤمن الأصلي أن يتنازل إلى المعاد لديه التأمين عن الأخطار التي تزيد عن حد احتفاظ الأول عن كل موضوع تأمين على حدة. أو في كل مكان جغرافي محدد في التعاقد على حدة أيضًا. ويتعهد المعاد لديه التأمين أن يقبل هذا الخطر الفائض عن كل حالة على حدة في حدود الحد الأقصى المعين في العقد. وعند حساب حد احتفاظ المؤمن الأصلي في مثل هذه العقود، يستنزل أولاً أية قيم لإعادة التأمين الاختياري والحصص. وما بقي بعد ذلك يحجز منه حد احتفاظ المؤمن الأصلي. وما يتبقى منه يعتبر خطرًا فائضًا يخضع لإعادة التأمين حسب العقد الذي نحن بصدده.
وترد عادة في هذا العقد حدود جغرافية وأخرى زمنية تتعلق بتغطية الأخطار الزائدة. فيرد شرط مدة سريان إعادة التأمين ناصًا على أن مسئولية المعاد لديه التأمين عن الاشتراك في دفع الخسائر تبدأ من تاريخ معين – في حدود منطقة جغرافية معينة – يصبح فيه المؤمن الأصلي مسئولا عن أخطار تزيد عن حد احتفاظه بالنسبة لوثائق التأمين التي لديه مجتمعة، بغض النظر عما إذا كانت مجموعة هذه الأخطار مؤمنة لديه مباشرة أو معاد تأمينها لديه جزئيًا أو كليًا.
وبمجرد بداية سريان إعادة التأمين عن الأخطار الفائضة فإن ضمان إعادة التأمين يسري على الوثيقة أو الوثائق بغض النظر عن أي تغيير يحدث في الأخطار المؤمنة. ويكون اقتسام الخسارة عن طريق الاقتسام النسبي أو Pro – Tata.
إعادة تأمين الخسارة الزائدة
يتبين من دراسة الطرق السابقة في إعادة التأمين الاتفاقي – وخاصة الطريقة الأخيرة – أنه يتحتم على المؤمن الأصلي أن يكون على علم سابق بالأخطار المؤمنة على وجه الدقة. ولكنه في معظم الحالات يكون من الصعب على المؤمن الذي يصدر وثائق تأمين مفتوحة أن يحدد ذلك. إذ أن التأمين يصدر عادة مكتفيًا بذكر أخطار معينة بدلاً من تحديد موضوع الخطر. إذ أن الأخير غالبًا ما يتغير من وقت لآخر. وقد أدت هذه الصعوبة إلى صعوبة أكبر هي عدم إمكان تحديد الخطر الزائد لعدم إمكان حساب حد الاحتفاظ أصلا. ونتج عن الصعوبات هذه أن فكر رجال إعادة التأمين في طريقة إعادة تأمين الخسارة الزائدة Excess – of – loss. وبمقتضى هذا التعاقد تتحدد المسئولية على أساس الخسارة التي تتحقق على كل موضوع تأمين معين والتي تقع خلال مدة التعاقد وهي عادة سنة كاملة. وبذلك يمكن القول أن هذه الطريقة في إعادة التأمين تستعمل عادة في حالة الوثائق المحددة.
طرق تحديد القسط
ومن الطرق المتبعة في تحديد قسط إعادة التأمين في هذه الطريقة أن يتفق الطرفان على قسط مؤقت يحسب على أساس خبرة مدة التعاقد من ناحية. وعلى أساس قيمة الخسارة الزائدة التي تحملها الطرف المعاد لديه تأمين من ناحية أخرى. والخسائر التي يتعهد المعاد لديه التأمين بدفعها نتيجة هذا التعاقد هي تلك التي تحدث – أو يبدأ حدوثها – خلال مدة التغطية السابق الإشارة إليها. ومدة التغطية – وهي السنة – تكون عادة قابلة للتجديد. وعلى ذلك فان القسط المؤقت يُعاد حسابه في نهاية كل سنة على أساس ما تحقق فعلاً من خسارة أثناءها.
وفي جميع الحالات يزيد القسط عن 100% من الخسارة المدفوعة بمعرفة إعادة التأمين، ولكن في حدود معينة. وهذه الزيادة عن الخسارة المدفوعة ضرورية لتغطية المصروفات المختلفة والتي تمثل أعباء القسط. ومن المتفق عليه دائمًا أن قسط إعادة التأمين في هذه الطريقة يقع بين حدين أعلى وأدنى. ويحدد القسط الصافي لإعادة التأمين على أساس قسط التأمين الأصلي مستنزلاً منه أقساط إعادة التأمين المدفوعة على نفس الشيء أو مجموعة الأشياء موضوع التأمين بطرق أخرى بغرض تقليل الخسارة الزائدة. وهذا القسط الصافي هو أساس حساب قسط إعادة تأمين الخسارة الزائدة.
فإذا كانت خسارة العام قليلة جدًا أو معدومة، فإن المعاد لديه التأمين يحصل على الحد الأدنى للسعر وهو ما يكون في حدود 4% من القسط الصافي مثلاً. أما إذا كانت الخسارة الزائدة كبيرة خلال العام فإنه يتحصل على قسط يساوي هذه الخسارات التي تكبدها مضافًا إليها أعباء القسط. كل ذلك في حدود الحد الأعلى للسعر والذي يكون عادة في حدود 8% من القسط الصافي مثلاً. وفي الحالة الأخيرة يتكبد المعاد لديه التأمين عادة خسارات بالغة، حيث أن الخسارة الزائدة غالبًا ما تفوق القسط المحصل عن إعادة التأمين في حده الأقصى.
إعادة التأمين الاختيارية
يُقصد بإعادة التأمين الاختيارية أو الخاصة Facultative Reinsurance تلك العقود التي يبرمها المؤمن الأصلي مع مؤمن معاد لديه التأمين بقصد إعادة التأمين على خطر منفرد بعد الاكتتاب فيه، والذي ينطبق عليه نفس الشروط الخاصة بالتأمين المباشر. وإعادة التأمين الاختياري يمارس عادة بطريقتي الاقتسام والفائض إما بالنسبة للخطر أو بالنسبة للخسارة. ومعظم العقود الاختيارية تعقد على الوثائق المفردة، لكون عقودها أكثر وضوحا وتخصيصًا لتغطية أخطار معينة.
ومن العقود الشائعة في إعادة التأمين الاختيارية عقود إعادة تأمين مبالغ محددة Flat Reinsurance. وفي هذه العقود، وفي حالة إعادة تأمين مبلغ محدد وليكن مئة ألف جنيه مثلاً من خطر معين، فإن هذا المبلغ لا يتأثر بحال من الأحوال بتغيير حد الاحتفاظ لدى المؤمن الأصلي نتيجة حدوث أي تغيير في مبلغ التأمين خلال التعاقد.
إعادة التأمين لدى النقابات
أدت عمليات إعادة التأمين – في الأسواق المحلية والعالمية على حد سواء – إلى منافسة أوشكت على أن تكون قاتلة بين الأفراد والشركات المستعدة لقبول إعادة التأمين. وقد أدت هذه المنافسة إلى تخفيض أسعار إعادة التأمين عامة تخفيضًا يكاد يكون مخلاً بالعمليات الفنية المتعلقة به، وقد أدت هذه الظاهرة إلى اتفاق المؤمنين على التجمع في هيئة نقابات لاقتسام عملية إعادة التأمين بسعر معقول نسبيًا. وبحيث يعود على كل منهم نصيب من الأقساط والخسائر تتناسب ومقدرة كل منهم المالية.
وظهر في سوق التأمينات العامة في السنوات الأخيرة وحدات من الأخطار الكبيرة القيمة، والتي لا يرضى مالكوها بحال من الأحوال بتجزئتها بغرض التأمين عليها. والتي يخشى المكتتب العادي عدم وجود إعادة التأمين الكافي لها في الوقت المناسب. وتتبلور هذه الظاهرة في السفن التي تسير حاليًا بالطاقة الذرية، والشحنات ذات الندرة النسبية العالية التي تنقل من مكان لآخر لأسباب هامة وعاجلة، والطائرات الكبيرة السريعة، والمصانع التي تكلف ملايين الجنيهات. كل هذا قد دعا المؤمّنين أن يتجمعوا في نقابات لإمكان التأمين على مثل هذه الوحدات أو إعادة التأمين عليها.
وقد ترتب على الظاهرتين السابقتين – وكثير غيرهما – أن ظهرت طريقة إعادة التأمين عن طريق النقابات Syndicate Reinsurance. ويتعهد كل عضو من أعضاء نقابة إعادة التأمين بإعادة تأمين نسبة معينة من تأمينات الأعضاء الآخرين. ويتعهد من ناحية أخرى في أن يتنازل عن أجزاء معينة للأعضاء الآخرين من التأمينات التي يكتتب فيها. وينطبق جميع الأسس الفنية على عملية إعادة التأمين في النقابات. وأخصها أن المؤمن الأصلي لا يزال هو المسؤول الأول عن تعويض المؤمن له عن الخسارة التي تلحق بموضوع التأمين.
الأسواق الأجنبية لإعادة التأمين
ظلت الأسواق الإنجليزية هي السوق الوحيدة الظاهرة لإعادة التأمين عالميًا لمدة طويلة وحتى بداية الحرب العالمية الأولى. وفي بداية الربع الثاني من القرن العشرين أخذت بعض دول أوروبا في اجتذاب جزء يسير من أعمال إعادة التأمين العالمي. وبعد الحرب العالمية الثانية – وخاصة في بداية الخمسينات – اجتذبت الأسواق السويسرية والألمانية والإيطالية جزءًا كبيرًا من هذه الأعمال.
وكانت السوق الأمريكية تعتمد اعتمادًا كليًا في إعادة تأمين أخطارها على السوق الإنجليزية حتى سنوات الحرب العالمية الثانية. وخلال سنوات تلك الحرب وبعدها اتجه المؤمّنون الأمريكيون إلى الأسواق الأوروبية طمعًا في شروط وأسعار أكثر صلاحية لهم عن تلك الموجودة في السوق الإنجليزية. وتطورت السوق الأمريكية الداخلية لإعادة التأمين بتطور تشريعات التأمين في الولايات الأمريكية. فعندما عدلت قوانين التأمين في معظم الولايات بحيث يمكن إعادة التأمين بين شركات تأمين الحريق والبحري من ناحية، وشركات تأمين الحوادث من ناحية أخرى – الشيء الذي لم يكن مسموحًا به فيما قبل – أصبحت السوق الأمريكية الداخلية على مقدرة أكبر في القيام بعمليات إعادة التأمين. وقد ترتب على هذه الظاهرة نمو السوق الأمريكية الداخلية شيئًا فشيئًا إلى أن أصبحت من الأسواق المنافسة حاليًا في أعمال إعادة التأمين عالميًا·
وقد ساعد في هذا النمو ميل الأفراد والجماعات والهيئات الأمريكية إلى التجمع والتركز في نقابات. مما ساعد بدوره على قيام نقابات إعادة التأمين. وعلى سبيل المثال قامت وازدهرت نقابة تأمين السفن Hull synadicate ونقابة تبادل إعادة تأمين أخطار الحرب War Risks Reinsurance Exchange.
ومن أمثلة أسواق الدول التي تساهم بنشاط ملحوظ في إعادة التأمين خلاف بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية السوق السويسرية. بما فيها من شركات ونقابات وعلى الأخص الشركة السويسرية لإعادة التأمين التي تعتبر واحدة من أكبر الشركات العالمية في هذا المجال. وكذلك الأسواق الألمانية والإيطالية والفرنسية والسورية والهولندية في القارة الأوروبية. أما السوق اليابانية فقد ازداد نشاط إعادة التأمين فيها بدرجة ملحوظه خاصة منذ بداية الستينات. ما يوحي بسيطرتها سيطرة شبه كاملة على أسواق التأمين في الدول الآسيوية الساحلية.
السوق المصرية لإعادة التأمين
اعتمدت سوق التأمين المصرية على الهيئات الإنجليزية – سواء أعضاء اللويدز أو الشركات البريطانية – اعتمادًا كليًا ولمدة طويلة في إعادة التأمين المصري.
وعندما تم تمصير شركات التأمين في مصر عام 1956 وانقطعت صلة الفروع الأجنبية في مصر بالشركات الأصلية في الخارج، تغيرت سياسة إعادة التأمين. وقد حاولت الشركات المحلية بعد تمصيرها عمل علاقات وثيقة مع أسواق إعادة التأمين في الدول الأوروبية الأخرى خاصة سويسرا وألمانيا وإيطاليا. ولم تحاول أن تقطع صلتها بسوق لندن لإعادة التأمين.
وفي نهاية عام 1956، وأثناء العدوان على قناة السويس انقطعت صلة سوق التأمين المصرية بالسوقين البريطانية والفرنسية اللتين كانتا تسيطران على إعادة التأمين في السوق المصرية. وقد ترتب على ذلك ظهور الحاجة الماسة إلى الاتصال بأسواق إعادة تأمين عالمية أخرى من ناحية، وإلى تنمية وتنشيط سوق إعادة التأمين الوطنية ورفعها إلى مصاف الأسواق الدولية من ناحية أهم.
وفي سبيل سد هذه الحاجة السريعة شهد عام 1957 اتصالات مستمرة بين رجال التأمين المصرية وأسواق إعادة التأمين في الدول الأوروبية. وقد نجح المؤمّنون المصريون في عقد اتفاقات لإعادة التأمين عامة.
وفي سبيل بناء سياسة سليمة مستقرة، وفي سبيل استكمال الجهاز التأميني في مصر، اتجه الرأي إلى إنشاء شركة مصرية صميمة لإعادة التأمين. ولمعاونة شركات التأمين المحلية في قبول إعادة التأمين الموجود لدى كل مؤمن على حدة.
ويبذل اتحاد التأمين العربي جهودًا مشكورة ظهرت ثمارها أخيرًا في خلق سوق عربية لإعادة التأمين. وظهرت آخر هذه الجهود في اجتماع الكويت في أوائل شهر نوفمبر عام 1969. إذ اتخذ المجتمعون قرارات هامة بقصد إنشاء نقابة عربية لإعادة التأمين عامة، تتكون عضويتها من شركات التأمين وإعادة التأمين العربية وذلك بقصد استيعاب عمليات إعادة التأمين بدلاً من دفع أقساطها بالعملات الصعبة إلى هيئات إعادة التأمين الأجنبية.
الشركة المصرية لإعادة التأمين
استقر الرأي على إنشاء الشركة المصرية لإعادة التأمين برأس مال قدره نصف مليون جنيه. يدفع منه النصف وتسهم فيه جميع شركات التأمين المصرية وبعض المؤسسات التأمينية العامة. وقام المؤسسون بتوقيع عقد الشركة الابتدائي في 6 يونية 1957. وصدر القرار الجمهوري بتأسيس الشركة في 2 سبتمبر 1957. وسجلت الشركة في سجل هيئات التأمين المصري تحت رقم 146 بالقرار الوزاري رقم 19 لعام 1958. وعلى ذلك لم تبدأ الشركة ممارسة أعمال إعادة التأمين إلا في أول يناير 1958.
ولتنظيم عمليات إعادة التأمين في السوق المصرية، صدر القانون رقم 162 لعام 1957 ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الوزاري رقم 532 لعام 1957. وقد بدأ إسناد إعادة التأمين حسب اللائحة في فروع الحياة والحريق وإصابات العمل والسيارات في سنة 1958، وفي الفروع الأخرى – بما فيها فرع البحري – في سنة 1959.
وكان إسناد إعادة التأمين البحري مثلاً على أساس حصة بواقع 20% من التأمينات البحرية التي تحصل عليها شركات التأمين الأصلية. وقد عدلت هذه النسبة اعتبارًا من أول يناير 1961 بمقتضى القرار الجمهوري رقم 1736 لعام 1960 إذ أصبح الإسناد على أساس حصة نسبية بواقع 30%. وقد عاون هذا الإلزام في إمداد الشركة بمحفظة أعمال لم يكن من السهل عليها الوصول إليها في سنين عدة. هذا بخلاف ما تقوم به الشركة من عقد عمليات اتفاقية واختيارية أخرى داخل السوق المصرية أو في السوق العربية أو في الأسواق الأجنبية.
المراجع
- كتاب الخطر والتأمين – الأصول العلمية والعملية. تأليف: الدكتور سلامة عبد الله، كلية التجارة، جامعة القاهرة، 1967، 1974.
- موسوعة التأمين، العلوم المالية والمصرفية، مركز البحوث والدراسات متعدد التخصصات، 2023.