نظم الإدارة الديناميكية الحديثة !!
تعتبر أساليب الإدارة الحديثة من أهم التحديات التي تواجهها الدول المتقدمة في العصر الحديث، عصر العولمة والطفرة المعلوماتية، الذي أسس للحاجة الملحة لتطوير تلك النظم باستمرار وفي فترات قياسية، وقد بُذلت الكثير من الجهود لتطوير نظم إدارية تتناسب مع هذا العصر حتى أننا نستطيع أن نلحظ تراكماً لعدد من النظم التي يتم تطويرها والأساليب التي يتم تطعيمها في تلك النظم حتى تتماشى مع هذا العصر ومتطلباته الفنية والإنسانية من جميع النواحي، ولا نبالغ عند القول بأن هناك من النظم الإدارية التي تم تطويرها خلال سنوات والاستغناء عنها خلال بضعة شهور أو حتى في فترة الاختبار نظراً لعدم مجاراتها لتطورات أخرى حديثة كانت أسرع من فترة تطوير تلك النظم.
وبالرغم من الانتشار الظاهري لبعض أساليب الإدارة الحديثة التي تتمتع بشكل جذاب مليء بالمزايا التي تميل للرفاهية أكثر من أجواء الجد والعمل في كثير من أركانها، كتلك الموجودة في شركة جوجل وشركات عالمية أخرى، والتي يُضرب فيها المثل من حيث الفاعلية والإنتاجية والتميّز والإبداع، إلاّ أن كل هذا الشكل الجذّاب قد يتحطم على صخرة الواقع التطبيقي عند محاولة استنساخه بشكله الظاهري وتطبيقه في مؤسسات أخرى “غير معلوماتية”، وذلك بسبب اختلاف منظومة الإدارة الداخلية فيها وعدم تناسبها مع معطياتها ومخرجاتها وأساليب التعاطي مع مقاييس النجاح والفشل فيها.
إن الحل السحري لتطوير نظم إدارة حديثة تتماشى مع هذا العصر وتطوراته التي ستأتي في العقود القادمة، بحيث يمكن تطبيقها عملياً في جميع أنواع المؤسسات التي تطمح للحد الأدنى من النجاح، وبحيث لا تكون مجرد عملية استنساخ أجوف غير قابل للتطبيق، هو التحول التدريجي لما يمكن أن نطلق عليه “نظم الإدارة الديناميكية”، وهي نظم ذكية تستطيع أن “تُميّز” المسئوليات والإنجازات وتقوم بعملية التقويم بالدقة والكفاءة اللازمة وفق آلية قياس محددة ويتم إعادة توزيع المهام والمسئوليات وفق نتائج هذا القياس ولفترات زمنية محددة، تماماً مثلما يتم تطبيقه في بعض جزئيات العمل كأقسام التسويق، ولكن بشكل موسّع ليشمل جميع الإدارات والأقسام وكافة المستويات الإدارية، وأقرب تشبيه لهذه النظم يتم تطبيقه حالياً هو الذي تقوم به الجامعات في هيئاتها الأكاديمية، فهي تسير وفق آلية إنتاج وتقييم أكاديمي محكم سواء على المستوى المحلي أو العالمي من خلال التقييم الكمي والنوعي للإنتاج الأكاديمي، مع بعض الفوارق الجوهرية بطبيعة الحال.
ورغم كل الصعوبات التي يمكن أن نواجهها عند البدء بتطبيق هذا التحول في سائر المؤسسات، حتى وإن كان تدريجياً، إلاّ أن تلك الصعوبات لا تُذكر مقارنة بما يمكن أن نواجهه من مشكلات إدارية مستعصية قد تظهر مستقبلاً مع هذا الكم الهائل من التغيرات والتطورات المتسارعة سواء على الصعيد التكنولوجي الفني أو الإنساني التنافسي الذي يتطلع للنجاح، فمن جهة، سوف يلبي هذا الحل احتياجات القياس الهادف للتطوير والتجديد العصري المتنامي، ومن جهة أخرى فإنه سيخلق حالة تنافسية ديناميكية تؤدي لزيادة الإنتاجية والفاعلية بدافع تحقيق التقدم والنجاح أو حتى الحفاظ عليه، ناهيك عن ما سينتج عن ذلك من تناقص تدريجي للمشكلات الإدارية غير المرئية التي عادة ما تتراكم وينشأ عنها تقاذف للمسئوليات بين الكثير من القطاعات بمستوياتها الإدارية المختلفة.